للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَّبِعًا لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ لِرَزِينٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ وَجَاءَ نَحْوَ أَرْبَعِينَ» ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُجَاوِزَ الْحُدُودَ فِي التَّعْزِيرِ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِالتَّعْزِيرِ الْقَتْلَ أَوْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَعِنْدَنَا يَجُوزُ قَتْلُ الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ يَتَجَسَّسُ بِالْعَدُوِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ، وَأَمَّا الدَّاعِيَةُ إلَى الْبِدْعَةِ الْمُفَرِّقُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.

وَقَالَ بِذَلِكَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِي قَتْلِ الدَّاعِيَةِ كَالْجَهْمِيَّةِ وَالرَّوَافِضِ وَالْقَدَرِيَّةِ، وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِقَتْلِ مَنْ لَا يَزُولُ فَسَادُهُ إلَّا بِالْقَتْلِ، وَذَكَرُوا ذَلِكَ فِي اللُّوطِيِّ إذَا كَثُرَ مِنْهُ ذَلِكَ يُقْتَلُ تَعْزِيرًا، وَأَجَازَ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَصْحَابِنَا لِلْمَرْأَةِ إذَا عَلِمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَادَّعَتْ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ إنْ خَفِيَ لَهَا ذَلِكَ وَأَمِنَتْ ظُهُورَهُ كَالْعَادِي وَالْمُحَارَبِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ.

فَرْعٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ أَصْبَغُ: وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا أَحْلَفَ النَّاسَ أَنْ يُحَلِّفَهُمْ قِيَامًا، وَإِذَا ضَرَبَهُمْ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا أَنْ يَضْرِبَهُمْ قُعُودًا، وَيَأْمُرُ الْجَلَّادَ أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ بِالسَّوْطِ جِدًّا وَلَا يُخَفِّفَهَا جِدًّا لَكِنْ وَسَطًا مِنْ ذَلِكَ، وَضَرْبُ الشَّيْخِ وَالشَّابِّ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا سَوَاءٌ فِي الْإِيجَاعِ، وَإِذَا اقْتَصَّ لِلنَّاسِ فِي جِرَاحَاتِهِمْ دَعَا بِطَبِيبٍ رَفِيقٍ يَقْتَصُّ لَهُمْ وَأُجْرَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَيُؤَدَّبُ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فِي كَلِمَةٍ.

فَرْعٌ: وَمَنْ طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ، قَالَ أَشْهَبُ: فَإِنْ أَبَى أُدِّبَ بِالسَّجْنِ، فَإِنْ أَبَى سَجَنَهُ، فَإِنْ أَبَى ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ.

فَرْعٌ: وَمَنْ بَاعَ زَوْجَتَهُ نَكَلَ نَكَالًا شَدِيدًا وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِوَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ.

فَرْعٌ: وَإِذَا قَذَفَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَطَلَبَ الْعَبْدُ أَنْ يُعَزَّرَ قَاذِفُهُ، فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي مِثْلِ هَذَا تَعْزِيرٌ وَيُنْهَى قَاذِفُهُ أَنْ يُؤْذِيَهُ، فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَاحِشًا مَعْرُوفًا بِالْأَذِي عُزِّرَ وَأُدِّبَ عَنْ أَذَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>