للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَمْنَعُ مُدَّةَ صَلْبِهِ مِنْ طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَلَا وُضُوءٍ لِصَلَاةٍ وَيُصَلِّي مُومِيًا، وَيُعِيدُ بَعْدَ الْإِطْلَاقِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْمَاوَرْدِيِّ الشَّافِعِيِّ.

مَسْأَلَةٌ وَيَجُوزُ تَجْرِيدُ الْمُعَزَّرِ مِنْ ثِيَابِهِ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَإِشْهَارَهُ فِي النَّاسِ، وَالنِّدَاءُ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ عِنْدَ تَكَرُّرِهِ مِنْهُ عَنْهُ وَعَدَمُ إقْلَاعِهِ عَنْهُ، وَيَجُوزُ حَلْقُ شَعْرِهِ لَا لِحْيَتِهِ، وَيَجُوزُ تَسْوِيدُ وَجْهِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ مِنْ مُخْتَصَرِ الْأَحْكَامِ لِلْمَاوَرْدِيِّ.

مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ بِحَضْرَةِ الْعُدُولِ، هَلْ يَلْزَمُهُ عُقُوبَةٌ؟ وَمَا قَدْرُ تِلْكَ الْعُقُوبَةِ؟

فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إيقَاعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَمْ يُجْمِعْ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِهِ بَلْ فِيهِ خِلَافٌ، لَكِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ الْمَنْعُ، وَلَكِنَّ هَذَا لَمَّا كَثُرَ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَاشْتُهِرَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، صَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ حَالٍ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، فَإِنْ كَانَ هَذَا لِلرَّجُلِ مِمَّنْ يَجْهَلُ تَحْرِيمَ هَذَا وَيَعْتَقِدُ أَنَّ الْيَمِينَ بِهِ جَائِزَةٌ، أَوْ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ الَّتِي لَا تَحْرِيمَ فِيهَا، فَإِنَّ الْعُقُوبَةَ بِسَبَبِ هَذَا لَا تَلْزَمُهُ لَأَجَلٍ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَوْقَعَهُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ وَمُجَرِّئًا عَلَى إيقَاعِهِ، تَعَلَّقَتْ بِهِ الْعُقُوبَةُ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا وَاضِحٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ مِنْ جِهَةٍ ثَانِيَةٍ وَهِيَ: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حُكْمَ مِثْلِ هَذَا وَلَا يُحْبَسُ بِهِ إنْ جَهِلَهُ، يَعْنِي فَيَلْزَمُ الْجَاهِلَ مِنْ التَّعْزِيرِ بِسَبَبِ جَهْلِهِ بِحُكْمِ ذَلِكَ أَخَفُّ مِمَّا يَلْزَمُ الْعَالِمَ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ بَابِ النَّظَرِ وَالْمُعْتَمَدِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ يَعْنِي نَفْيَ التَّعْزِيرِ عَنْ الْجَاهِلِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ نَهْيِهِ وَزَجْرِهِ عَنْ الْعَوْدِ إلَى ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ الْقَرَافِيُّ: التَّعْزِيرُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ مَا عَلِمْت فِي ذَلِكَ خِلَافًا.

مَسْأَلَةٌ: تَقَدَّمَ أَنَّ التَّعْزِيرَ يَكُونُ بِحَسَبِ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْجِنَايَةِ، فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ عَظِيمًا مِنْ ذِي الشَّرِّ مُخَاطَبًا بِهِ لِرَفِيعِ الْقَدْرِ بُولِغَ فِي الْأَدَبِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَالْعَكْسُ.

فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلَّا الْحُدُودَ» ، فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ يُؤَدَّبُ، فَإِنْ كَانَ رَفِيعَ الْقَدْرِ فَإِنَّهُ يُخَفَّفُ أَدَبُهُ وَيُتَجَافَى عَنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْفَلْتَةِ، لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>