الْقَصْدَ بِالتَّعْزِيرِ الزَّجْرُ عَنْ الْعَوْدَةِ، وَمَنْ صَدَرَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةً يُظَنُّ بِهِ أَنْ لَا يَعُودَ إلَى مِثْلِهَا وَكَذَلِكَ الرَّفِيعُ.
تَنْبِيهٌ وَالْمُرَادُ بِالرَّفِيعِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ وَالْآدَابِ الْإِسْلَامِيَّةِ لَا الْمَالُ وَالْجَاهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدَّنِيءِ الْجَهْلُ وَالْجَفَاءُ وَالْحَمَاقَةُ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ ثَقُلَ عَلَيْهِ بِالْأَدَبِ لِيَنْزَجِرَ وَيَنْزَجِرَ بِهِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: أَنَّ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْجُرْمِ وَشُهْرَةِ الْقَائِلِ بِالْأَذَى.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: تَعْزِيرُ كُلِّ ذَنْبٍ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ حَدِّهِ لَا يُتَجَاوَزُ بِهِ حَدُّهُ.
فَرْعٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ إنْ قَامَ بِشَكِيَّةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدَّبَ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ الْحَبْسُ لِيَنْدَفِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْبَاطِلِ وَاللَّدَدِ، عَنْ ذَلِكَ قَالَهُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي الْأَحْبَاسِ.
فَرْعٌ: وَيُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّنَا وَيُؤَدَّبُونَ عَلَيْهِ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ زَوَاجِ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ إنْ اسْتَحَلُّوهُ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: يَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَوْ يَا آكِلَ الرِّبَا أَوْ يَا خَائِنُ أَوْ يَا ثَوْرُ، أَوْ يَا حِمَارُ أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ أَوْ يَا يَهُودِيُّ أَوْ يَا نَصْرَانِيُّ أَوْ يَا مَجُوسِيُّ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ، قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ.
وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ لِرَزِينٍ: أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا يَهُودِيُّ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ عِشْرِينَ.
فَرْعٌ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَحْدُودِ فِي الزِّنَا يُحَسَّنُ حَالُهُ وَتَظْهَرُ تَوْبَتُهُ، ثُمَّ يَقْذِفُهُ رَجُلٌ بِالزِّنَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ إنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ تَعَرُّضًا لِأَذَاهُ فَعَلَيْهِ الْأَدَبُ الْمُوجِعُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مُشَاتَمَةٍ قَدْ نَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ فِيهَا مَنَالًا، فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِيمَا رَمَاهُ بِهِ مِنْ حَدٍّ فِي زِنًا أَوْ فِي خَمْرٍ أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْجَلْدِ عَلَى الْفِرْيَةِ وَالرِّيبَةِ أُدِّبَ وَلَا عُقُوبَةَ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ بِالسَّرِقَةِ أَنْتَ سَرَقْت مَتَاعِي نَكَلَ وَعُوقِبَ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقُولُ فِيهِ ذَلِكَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ فَلَا عُقُوبَةَ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: يَا سَارِقُ ضُرِبَ خَمْسَةَ عَشَرَ سَوْطًا أَوْ نَحْوَهُ، قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالتَّحْدِيدُ فِي هَذَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا فِيهِ الِاجْتِهَادُ بِحَسَبِ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute