للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: إذَا شَتَمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٌ: إذَا أَسْرَعَ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ مِثْلُ يَا ظَالِمُ يَا فَاجِرُ، زَجَرَهُ عَنْهُ وَيُضْرَبُ فِي مِثْلِ هَذَا مَا لَمْ تَكُنْ فَلْتَةً مِنْ ذِي مُرُوءَةٍ فَيَتَجَافَى عَنْ ضَرْبِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو الْخَصْمَيْنِ إلَى أَنْ يَجْلِسَا بَيْنَ يَدَيْهِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، وَمَنْ لَمْ يُنْصِفْ النَّاسَ فِي أَعْرَاضِهِمْ لَا يُنْصِفُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ.

فَرْعٌ: سُئِلَ الْمَازِرِيُّ عَمَّنْ أَفْتَى رَجُلًا فَأَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ مَالًا

فَأَجَابَ: إنْ كَانَ الْمُفْتِي مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالنَّظَرِ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُ مَا ذَهَبَ بِسَبَبِ فُتْيَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ يُكَلَّفُ مَا لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ، وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ التَّغْلِيظُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ عِنْدَهُ، وَلَوْ أُدِّبَ لَكَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَقَدَّمَ لَهُ طَلَبٌ فِي الْعِلْمِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْأَدَبُ، وَيُنْهَى عَنْ الْفَتْوَى إذَا لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ أَهْلًا.

فَرْعٌ: إذَا نَهَى الْحَاكِمُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ عَنْ الْكَلَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَأُتِيَ بِالْحُجَجِ لِيَخْلِطَ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَمْنَعَهُ مِنْ الْكَلَامِ وَيُكْثِرَ مُعَارَضَتَهُ فِي كَلَامِهِ أَمَرَ الْقَاضِي بِأَدَبِهِ.

فَرْعٌ: إذَا قَرَّرَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ لَزِمَ خَصْمَهُ الْجَوَابُ بِالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْجَوَابِ أَمَرَ الْقَاضِي بِضَرْبِهِ بِالدِّرَّةِ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى يُجِيبَ.

فَرْعٌ: وَفِي الدُّرَرِ الْمُلْتَقَطَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلِفَةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّمِيرِيِّ إذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَيْك، فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ خَصْمُهُ.

مَسْأَلَةٌ: ذَكَرَ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَمَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» .

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ» .

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي كِتَابِهِ الْمُخَرَّجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ، «فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ» .

وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ وَجَبَ الْكُفْرُ» ، قِيلَ مَعْنَاهُ فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيرُهُ، فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَةَ الْكُفْرِ بَلْ التَّكْفِيرُ، لِكَوْنِهِ جَعَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ كَافِرًا، فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسَهُ إمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إلَّا كَافِرٌ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ الْإِسْلَامِ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إذَا قَالَهَا مُسْتَحِلًّا فَيَكْفُرُ بِاسْتِحْلَالِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>