مَسْأَلَةٌ: وَهَذَا الْمُتَّهَمُ لَا بُدَّ مِنْ سَجْنِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ غَارِمٍ، وَلَا يَسْقُطُ الْغُرْمُ عَنْهُ بِثُبُوتِ عُدْمِ الْمَطْلُوبِ، لِأَنَّ سَجْنَهُ إنَّمَا هُوَ لِيَلْجَأَ إلَى الْأَدَاءِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ بِوَجْهِهِ.
مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا ادَّعَى الْغَرِيمُ الْعُدْمَ، فَإِنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الْمُدَّعِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقَالٌ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ وَادَّعَى الْمَطْلُوبُ أَنَّ الطَّالِبَ عَالِمٌ بِعُدْمِهِ، فَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَابْنُ الْفَخَّارِ وَغَيْرُهُمَا يَحْلِفُ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقَالٌ غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَحْلِفُهُ مَا لَهُ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ يَعْلَمُهُ، وَلَا يَحْلِفُ الْبَتَّ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ مَالٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمَطْلُوبُ عِلْمَ الطَّالِبِ بِعُدْمِهِ، أَوْ ادَّعَاهُ فَحَلَفَ، فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ ظَاهِرَ الْإِقْلَالِ لِبَذَاذَةِ حَالِهِ أَوْ قِلَّةِ جَدْوَى حِرْفَتِهِ كَالْخَيَّاطِ وَالْبَقَّالِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصُّنَّاعِ، وَمِنْ شَأْنِ أَهْلِهَا الْعُدْمِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يُسْجَنُ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى قَلِيلًا مِمَّا عُومِلَ عَلَيْهِ فِي صَنْعَتِهِ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الصِّدْقِ حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: فَإِذَا أَثْبَتَ الْغَرِيمُ عُدْمَهُ وَأُعْذِرَ لِلطَّالِبِ فِي شُهُودِ الْعُدْمِ فَادَّعَى مَدْفَعًا وَعَجَزَ عَنْهُ خَلَّى الْحَاكِمُ سَبِيلَ الْغَرِيمِ.
فَرْعٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَامْتَنَعَ مِنْهَا حَتَّى يُبْرِزَ الْمَطْلُوبُ الْمَالَ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ حَتَّى يَحْلِفَ الطَّالِبُ إذْ لَا يُسْتَحَقُّ الْمَالُ إلَّا بِالْيَمِينِ فَإِنْ قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَحْلِفَ ثُمَّ يَدَّعِيَ الْمَطْلُوبُ الْعُدْمَ، كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ مُوسِرٌ غَيْرُ عَدِيمٍ، ثُمَّ يَحْلِفُ الطَّالِبُ، فَإِنْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْعُدْمَ بَعْدَ ذَلِكَ حُبِسَ حَتَّى يُؤَدِّيَ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْعُدْمِ إنْ قَامَتْ لَهُ، لِأَنَّهُ أَلَدَّ بِهَا وَيُطَالُ سَجْنُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ.
فَرْعٌ: وَأَمَّا إنْ بَاعَ الرَّجُلُ مَنَافِعَهُ مِنْ رَجُلٍ لِيَنْسِجَ لَهُ ثِيَابًا مُدَّةً مَعْلُومَةً، جُبِرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ تِلْكَ الْمُدَّةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِمَا يُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ، فَأَمَّا مَنْ يُدَايِنُ لِيَعْمَلَ وَيَقْضِيَ، فَإِنَّهُ مُبْتَدَأٌ بِنَفَقَتِهِ عِيَالَهُ وَمَقْضِيٌّ دَيْنُهُ مِنْ الْفَاضِلِ، وَإِنْ بَاعَ مَنَافِعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً بُدِئَ بِاَلَّذِي اسْتَأْجَرَهُ، وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى أَنْ يَتَكَفَّفَ النَّاسَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، فَيُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّفَهُ مَا يَعِيشُ هُوَ بِهِ دُونَ عِيَالِهِ حَتَّى يَتِمَّ عَمَلَهُ، أَوْ يَتْرُكَهُ يَعْمَلُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute