وَقَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ فِي تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ: قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ الْمِدْيَانَ فَسَأَلَ الْإِنْظَارَ وَوَعَدَ الْقَضَاءَ، أَخَّرَهُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا يَرْجُوهُ وَلَا يُعَجِّلُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا تَفَالَسَ وَلَمْ يُعِدْ بِالْقَضَاءِ وَجُهِلَ عُدْمُهُ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ فِي الدُّرَيْهِمَاتِ نِصْفَ شَهْرٍ.
وَفِي الْوَسَطِ مِنْ الدَّيْنِ شَهْرَيْنِ، وَفِي الْكَثِيرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا شَهِدَ قَوْمٌ بِالْعُدْمِ وَشَهِدَ قَوْمٌ بِالْمُلَاءِ، فَإِنْ شَهِدُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْحَالِ وَلَمْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ مَا لَا أَخْفَاهُ، فَقِيلَ: يَقْضِي بِأَعْدَلِهِمَا، فَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَبَقِيَ مَسْجُونًا، وَقِيلَ: بَلْ يُخْرَجُ حَتَّى يُكْشَفَ عَنْهُ وَعَنْ حَالِهِ فِي السِّرِّ فَيُعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: إنَّ بَيِّنَةَ الْمُلَاءِ أَعْمَلُ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَعْدَلُ، وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُلَاءِ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا أَخْفَاهُ لَمَا صَحَّ أَنْ يَخْتَلِفَ فِي أَنَّهَا أَعْمَلُ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: حَبْسُ تَلَوُّمٍ وَاخْتِبَارٍ وَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَجْهُولِ الْحَالِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرِيمُ ظَاهِرَ الْإِقْلَالِ سَجَنَهُ الْحَاكِمُ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْمُلَاءُ حَتَّى يَثْبُتَ عُدْمُهُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ ظَاهِرُ الْعُدْمِ فَإِنَّهُ يُسْجَنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ.
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُحْبَسُ الْحُرُّ وَلَا الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يُسْتَبْرَأُ أَمْرُهُ، فَإِنْ اُتُّهِمَ أَنَّهُ خَبَّأَ مَالًا وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ.
مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ طَلَبَ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِوَجْهٍ حَتَّى يُثْبِتَ عُدْمَهُ، أَوْ كَانَ فِي السِّجْنِ وَطَلَبَ الْخُرُوجَ بِحَمِيلٍ لِيُثْبِتَ عُدْمَهُ فَعَمَلُ قُضَاةِ الْعَصْرِ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ ذَلِكَ، اُنْظُرْ ابْنَ رَاشِدٍ.
وَفِي التَّبْصِرَةِ: إذَا حُبِسَ الْغَرِيمُ فِي دَيْنٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ وَثَبَتَ فَقْرُهُ، ثُمَّ أَتَى بِحَمِيلٍ لِيَسْعَى فِي مَنَافِعِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يُحْبَسْ، وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِاللَّدَدِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ وَالسِّجْنُ أَقْرَبُ لِاسْتِخْرَاجِ الْحَقِّ مِنْ أَمْثَالِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ عُدْمُهُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ يَمِينِهِ مَا أَخْفَى شَيْئًا، فَإِذَا أَعْطَى حَمِيلًا وَتَغَيَّبَ لَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَحْلِفَ عَنْهُ.
فَرْعٌ: إذَا قَبِلَ مِنْهُ الْحَمِيلُ لِيُثْبِتَ عُدْمَهُ فَغَابَ الْغَرِيمُ وَأَثْبَتَ الْحَمِيلُ عُدْمَ الْغَرِيمِ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَغْرَمُ الْحَمِيلُ وَإِنْ تَبَيَّنَ عُدْمُهُ لِأَجْلِ الْيَمِينِ اللَّازِمَةِ لَهُ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: إذَا ثَبَتَ عُدْمُهُ بَرِئَ مِنْ الْحَمَالَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute