للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْيَمِينَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفَقْرِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا اسْتِحْسَانٌ وَاسْتِظْهَارٌ إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ مِمَّنْ يَكْتُمُ.

مَسْأَلَةٌ: نَقَلَ ابْنُ رَاشِدٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ تَنْزِلُ أَشْيَاءُ لَا تُقْبَلُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالْعُدْمِ وَدَعْوَى الْعَجْزِ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ فَقِيرًا.

مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُطْلَبُ بِدَيْنٍ مُنَاجَمَةً فَيَقْضِي بَعْضَ تِلْكَ النُّجُومِ ثُمَّ يَدَّعِي الْعَجْزَ بَعْدَ قَضَاءِ الْبَعْضِ وَيَأْتِي بِمَنْ يَشْهَدُ بِفَقْرِهِ، وَحَالُهُ يَتَغَيَّرُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْأَدَاءِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ.

وَمِنْهَا: الرَّجُلُ يُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ وَأُمِّهِ فِي الْعِصْمَةِ ثُمَّ يُفَارِقُهَا يَدَّعِي الْعَجْزَ عَنْ نَفَقَةِ وَلَدِهِ، فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْفَقْرِ وَلَا بِالْعَجْزِ، لِأَنَّهُ بِالْأَمْسِ قَبْلَ الطَّلَاقِ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، فَهُوَ الْيَوْمَ أَقْدَرُ لِزَوَالِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَنْهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ حَالِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَتَغَيَّرَ حَالُهُ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَالِيٍّ كَالْإِتْلَافِ وَالضَّمَانِ وَالْمَهْرِ وَالْحَمَالَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ نَفَقَةُ الْقَرَابَةِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ الْإِعْسَارَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَلَا يُعْلَمُ حَالُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَقِيلَ: يُسْجَنُ، وَقِيلَ: لَا يُسْجَنُ، وَإِنَّمَا يَكْشِفُ الْإِمَامُ عَنْ حَالِهِ، فَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَإِلَّا سَرَّحَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَالِكَ، أَصْلٌ يُسْتَصْحَبُ، يَعْنِي لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِهَذَا الدَّيْنِ عِوَضٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى نَفْيِ الْعِوَضِ بِيَدِهِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الْجَمِيعِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمَعُونَةِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ بِبَيِّنَةٍ فَطَالَبَهُ الْمُدَّعِي، كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يُحْضِرَ الْوَثِيقَةَ وَتَسْقُطَ شَهَادَةُ الشُّهُودِ مِنْهَا.

وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي بَابِ النِّكَاحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: مَنْ قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِ بِصَكٍّ وَأَرَادَ أَخْذَ الصَّكِّ وَأَبَى الطَّالِبُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى إعْطَائِهِ، وَأُجْبِرَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً كِتَابًا فِي الْوَضْعِ الَّذِي فِيهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَبِهَذَا تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ.

الرَّابِعُ: حَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ، وَحَبْسُ مَنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>