مَسْأَلَةٌ: وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الشُّيُوخِ فِيمَنْ فَتَحَ فِي نَصْبَةٍ لَهُ بَابًا، لَا يَطْلُعُ مِنْهُ عَلَى دَارِ جَارِهِ إلَّا أَنْ يُخْرِجَ رَأْسَهُ مِنْ الْبَابِ، أَنْ يَجْعَلَ عَلَى الْبَابِ شَرِيجِيًّا وَثِيقًا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدٌ مِنْهُ رَأْسَهُ لِيَطَّلِعَ، وَهُوَ حَسَنٌ مِنْ الْفَتْوَى.
مَسْأَلَةٌ: إذَا لَمْ تَقْطَعْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الضَّرَرَ مُحْدَثٌ، إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَأَيْنَا شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ، وَهُوَ ضَرَرٌ حَلَفَ الْقَائِمُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَأُزِيلَ عَنْهُ الضَّرَرُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِالْقِدَمِ مِنْ وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ وَغَيْرِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ ضَرْبٌ مِنْ اطِّلَاعٍ أَوْ خُرُوجِ مَاءٍ مِنْ مِرْحَاضٍ قُرْبَ جِدَارِ دَارِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْإِحْدَاثَاتِ الْمُضِرَّةِ، وَعَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَا اعْتَرَضَ فِيهِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ فِيهِ، فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهُوَ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَابْنُ الْعَطَّارِ.
قَالَ أَصْبَغُ لَا يَنْقَطِعُ الْقِيَامُ فِي إحْدَاثِ الضَّرَرِ إلَّا بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا، وَجَعَلَهَا خِلَافَ الْحِيَازَةِ فِي الْأُصُولِ، وَبِالْأَوَّلِ الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحْدَثُ عَلَيْهِ صَغِيرًا، أَوْ مُولًى عَلَيْهِ أَوْ بِكْرًا غَيْرَ مُعَنَّسَةٍ، فَلَا يَضُرُّهُمْ سُكُوتُهُمْ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَهُمْ عَلَى حَالَتِهِمْ هَذِهِ، حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَتُعَنَّسَ الْبِكْرُ، وَيَنْطَلِقَ الْمُولَى عَلَيْهِ مِنْ الْوِلَايَةِ، ثُمَّ يَسْكُتُونَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورَةِ، عَالِمِينَ بِمَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ الْقِيَامِ.
فَرْعٌ: وَفِي الطُّرَرِ: وَحِيَازَةُ الضَّرَرِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ سَوَاءٌ عَلَى الْقَوْلِ بِحِيَازَتِهِ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ أَصْبَغَ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْعِشْرِينَ إلَّا بِمَا زَادَ، قَالَ: وَلِسَحْنُونٍ فِي مَصَبِّ مَاءٍ عَلَى دَارِ رَجُلٍ أَنَّهُ يَسْتَحِقّهُ بِالْأَرْبَعَةِ الْأَعْوَامِ، قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ رَأَيْت فِي مَسَائِلَ يُسْأَلُ عَنْهَا ابْنُ مُزَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ الضَّرَرِ يَبْقَى عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تَزِيدُ كَفَتْحِ الْأَبْوَابِ وَالْكُوَّةِ يَطْلُعُ مِنْهَا، وَشَبَهُهُ مِمَّا يَحْدُثُ بِمَحْضَرِ مَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مُحْدِثَهُ يَسْتَحِقُّهُ فِي مِثْلِ مَا يَسْتَحِقُّ فِي الْحِيَازَةِ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ، وَمَا كَانَ ضَرَرُهُ يَتَزَايَدُ كَالْكَنِيفِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ مُحْدِثُهُ بِطُولِ حِيَازَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute