للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعُلِمَ ممَّا تقدَّم أنَّ الخطابَ في أوَّل هذه الآية: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمْ} لبني إسرائيلَ الذرية الموجودين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: اليهود، والخطاب في قوله: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} لبني إسرائيل الأسلاف الذين أنزلَ عليهم المنَّ والسَّلوى، ويؤيد هذا التفصيلَ أنَّ سورةَ البقرة مدنيةٌ، وكثيرٌ من آياتها الخطابُ فيها لليهود الذين كانوا حولَ المدينة، وأمَّا سورةُ «الأعراف»، و «طه»، و «إبراهيم»، فهي سُورٌ مكيةٌ، وأكثر ما فيها أخبارٌ عن بني إسرائيل في عهد موسى.

وقولُه: (فيه): أي في التيه.

وقولُه: (الترنجبين): نوعٌ من الطلِّ حلوٌ يجدونه على الشجر (١).

وقولُه: (وقلنا): يفيد أنَّ قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}: مقولُ قولٍ مُقدَّرٍ حُذِفَ لدلالة الكلامِ عليه، والجملةُ خبرٌ مُستأنفٌ معطوفٌ على ما قبله من الأفعال: وظللنا، وأنزلنا.

وقولُه: (ولا تدخروا … )، إلى قوله: (فقطع عنهم): هذا من التفسير بالمأثور، وإذا صحَّ أنهم قد نُهوا عن الادِّخار؛ فالادخارُ يكون من الطغيان الذي نُهوا عنه في قوله: {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ} [طه: ٨١] (٢).

وقولُه: (بذلك): أي بمخالفتهم أمرَ الله ونهيَه.

وقولُه: (لأنَّ وباله عليهم): يريد أنَّ معصيتهم لله ظلمٌ لأنفسهم؛ لأنَّ شرَّ المعصية واقعٌ عليهم، ولن يضرُّوا اللهَ شيئًا.

* * *


(١) الترنجبين: طل يقع من السماء وهو ندى شبيه بالعسل جامد متحبب. ينظر: «الجامع لمفردات الأدوية والأغذية» لابن البيطار (١/ ١٨٧).
(٢) لم نجد خبرًا مسندًا، وذكر بعض المفسرين حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه؛ يعني: ((لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها))، أخرجه البخاري (٣٣٣٠)، ومسلم (١٤٧٠). ينظر: «التفسير البسيط» (٢/ ٥٥١)، و «تفسير البغوي» (١/ ٩٨)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٢٢٠ - ٢٢١).

<<  <   >  >>