للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي اصطلاح أهلِ الأصولِ: رفعُ حُكمٍ ثبتَ بدليلٍ متقدِّمٍ بدليلٍ مُتأخِّرٍ (١).

و {مَا}: اسمُ شرطٍ في محل نصب مفعول به «للنّسخ»، وفعلُ الشرط وجوابُه مجزومان بها، و {نُنْسِهَا} معطوفٌ على ننسخ مجزومٌ بحذف الياء.

وقوله: {أَلَمْ تَعْلَمْ}: الاستفهامُ للتقرير، والمعنى: قد علمت أنَّ الله على كلِّ شيءٍ قدير، فيدخل في قدرته شرعُ الأحكام ونسخ ما شاء منها.

وقوله: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: أي قد علمتَ أنَّ اللهَ له مُلك السماوات والأرض، ومما يدخل في ملكه التصرُّفُ بالأحكام بالإثبات والنسخ.

وقوله: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (١٠٧)}: تهديدٌ لليهود الطاعنين في حِكمته وأحكامِه، وفي الكلام التفاتٌ مِنْ خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطاب جماعةِ المؤمنين؛ لتحذير المؤمنين من الانخداع بشُبهات الكافرين التي يحملون بها المؤمنين على الأسئلة التي لا تليقُ بمقام النبي صلى الله عليه وسلم ولا تليقُ بحال المؤمنين الموقنين، ولهذا قال تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}، فالمعنى: ليس لكم وليٌّ من دون الله يتولاكم بما ينفعكم، ولا نصيرٌ ينصركم على مَنْ يُريدكم بسوءٍ، أو يُنقذكم من عذابٍ يَحِلُّ بكم.

ولَمَّا طعنَ الكفارُ في النسخ وقالوا إنَّ محمَّدًا يأمر أصحابَه اليوم بأمرٍ وينهى عنه غدًا أنزل الله: {مَا} شرطية {نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} أي نزلَ حُكمها إمَّا مع لفظها أو لا. وفي قراءةٍ بضمِّ النون، من أنسخ؛ أي: نأمرك أو جبريل


(١) عرف بتعاريف كثيرة، والتعريف الذي ذكره شيخنا قريب من تعريف الغزالي وابن قدامة. ينظر: «المستصفى» للغزالي (٢/ ٣٥ - ٣٦)، و «روضة الناظر» لابن قدامة (١/ ٢٨٣ - ٢٨٤).

<<  <   >  >>