للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمجرور في قوله: {لَهُ}، وقد قيل سُمِّي الدِّينُ صبغةً في هذا الموضع في مقابل الصبغة عند النصارى الذي يُسمونه التعميد، وهو غمسُ الطفل في الماء المقدَّس عندهم، - وهو: المعمودية - حتى يكون نصرانيًا، وهكذا من يدخل في النصرانية يُعَمِّدونه؛ أي: يأمرونه بالاغتسال من ذلك الماء لتصحَّ نصرانيته (١)، وذكروا عن اليهود ما يشبه هذا وهو أنَّ مَنْ يتوبُ منهم يجب عليه الغُسل لتصحَّ توبتُه (٢)، وهذا له وجهٌ؛ لأنَّ سياق الآيات مع اليهود والنصارى، وعلى هذا فتسميةُ دِين الإسلام {صِبْغَةً} هو من باب المشاكلة (٣).

{صِبْغَة اللَّه} مصدرٌ مؤكد لـ "آمنا"، ونصبه بفعلٍ مُقدَّر، أي: صبغنا الله، والمراد بها دينه الذي فطرَ الناسَ عليه، لظهور أثره على صاحبه كالصبغ في الثوب {وَمَنْ} أي: لا أحد {أَحْسَن مِنْ اللَّه صِبْغَة} تمييز {وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}.

وقولُ المؤلِّف: (مصدرٌ مؤكد لآمنا): معناه: أنَّ {صبغةَ الله} مفعولٌ مُطلَقٌ مؤكدٌ لمعنى جملة {آمنا بالله} إلى آخره؛ فإنَّ مضمون الجملة الإيمانُ والإسلام، وهذا جِماعُ الدين، وصبغةُ الله: دينُ الله، فظهر بذلك أنَّ صبغةَ الله مصدرٌ مؤكد لمعنى الجملة.


(١) قال ابن عباس: إن النصارى كانوا إذا ولد لأحدهم ولد، فأتى على سبعة أيام غمسوه في ماء لهم، يقال له: المعمودي، وصبغوه به؛ ليطهروه بذلك مكان الختان. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٦٠٣)، و «معاني القرآن» للزجاج (١/ ٢١٥).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٦٠٣).
(٣) ينظر: «الكشاف» (١/ ٣٣٥)، و «البحر المحيط» (١/ ٦٥٦)، و «التحرير والتنوير» (١/ ٧٤٢).

<<  <   >  >>