للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللهُ في هذه الآية؛ هو من رأفته ورحمته تعالى بعباده، ولهذا قال: {إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم (١٤٣)}.

دل على هذا: {وَكَذَلِكَ} كما هديناكم إليه {جَعَلْنَاكُمْ} يا أمة محمد! {أُمَّةً وَسَطًا} خيارًا عدولًا {لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس} يوم القيامة: أن رسلهم بلغتهم {وَيَكُون الرَّسُول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} أنه بلغكم {وَمَا جَعَلْنَا} صيّرنا {الْقِبْلَة} لك الآن، الجهة {الَّتِي كُنْت عَلَيْهَا} أولًا، وهي الكعبة وكان صلى الله عليه وسلم يُصلِّي إليها، فلمَّا هاجر أُمِرَ باستقبال بيت المقدس تألُّفًا لليهود، فصلَّى إليه ستةَ أو سبعةَ عشر شهرًا، ثم حوَّل {إلَّا لِنَعْلَم} عِلمَ ظهورٍ {مَنْ يَتَّبِع الرَّسُول} فيُصدِّقُه {مِمَّنْ يَنْقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ} أي: يرجع إلى الكفر، شكًّا في الدين وظنًّا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم في حِيرةٍ من أمره، وقد ارتدَّ لذلك جماعةٌ {وَإِنْ} مخففة من الثقيلة واسمها محذوفٌ؛ أي: وإنها {كَانَتْ} أي: التولية إليها {لَكَبِيرَة} شاقَّةٌ على الناس {إلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّه} منهم {وَمَا كَانَ اللَّه لِيُضِيعَ إيمَانكُمْ} أي: صلاتكم إلى بيت المقدس، بل يثيبكم عليه؛ لأنَّ سببَ نزولها: السؤالُ عمَّن مات قبل التحويل {إن الله بالناس} المؤمنين {لرؤوف رَحِيم} في عدم إضاعة أعمالهم، والرأفةُ: شدَّةُ الرحمة، وقدَّم الأبلغَ للفاصلة.

وقولُ المؤلِّف: (دل على هذا) اسم الإشارة راجع إلى قوله: (ومنهم أنتم) أي: ممن هداه الله إلى صراط مستقيم؛ يريد: أنه دل على هدايتهم إلى صراط مستقيم قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا … الآية}.

<<  <   >  >>