للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقطَّعة تحتملُ كلَّ المعاني التي قيلت، ولم يذكر أنها مِنْ المتشابه الذي لا يَعلمُ معناه إلا الله (١)، ومن أحسن ما قيل: أنَّ الحروف المقطعة إشارةٌ إلى إعجاز القرآنِ، وذلك أنه مؤلَّفٌ من هذه الحروف التي يتألَّفُ منها سائر الكلام، وقد تحداهم الله أن يأتوا بسورة مثل القرآن فلم يفعلوا، واستُدلَّ لهذا القول بذكر القرآن بلفظ القرآنِ أو الكتابِ أو التنزيلِ في مطلع كلّ سورة افتُتحت ببعض هذه الحروف، إلا قليلٌ من السور إما بالإشارة إليه أو إلى آياته أو القَسَمِ به أو التَّنويهِ بإنزاله أو إحكامه، وهو: قولٌ حسن، ولا ينافي ما جاء عن السلف في تفسير الحروف المقطعة (٢).

وقولُه: (أيْ: هذا): يريد: أن ذلك من قَبيلِ وضع إشارةِ البعيد موضعَ إشارةِ القريب، وتأويل {ذَلِكَ}؛ «بهذا» عزاهُ ابنُ جرير إلى عامَّة المفسرين (٣)، وهو: جائزٌ في اللغة (٤)، وقيل: إنَّ الإشارة في الآية على بابِها، وهي: للبعيد، وأنها تدلُّ على علوِّ منزلة القرآن، وقد أشار المؤلِّف إلى ذلك بقوله: (والإشارةُ به للتعظيم) (٥).

وقولُه: (الذي يَقرؤُه محمد): يريد: أن «أل» في الكتاب للعهد الذِّهني.


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٢٢٣).
(٢) حكى هذا المذهب: الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين، وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا، كما ذهب إليه الزمخشري. ينظر: «الكشاف» (١/ ١٣٦ - ١٣٨)، و «تفسير الرازي» (٢/ ٢٥٣)، و «تفسير القرطبي» (١/ ١٥٥)، و «العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير» (٣/ ٧).
(٣) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٢٢٨).
(٤) ينظر: «شرح التسهيل» (١/ ٢٤٨)، و «التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل» لأبي حيان (٣/ ٢٠٦) وما بعدها.
(٥) ينظر: «مفتاح العلوم» للسكاكي (١/ ١٨٤)، و «حاشية الطيبي على الكشاف» (٢/ ٤٤)، و «التحرير والتنوير» (١/ ٢٢١).

<<  <   >  >>