للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (لا شَكَّ): هذا تفسيرٌ للرَّيب بالشَّك، وهو المشهور (١)، وسُمِّيَ الشك: ريبًا لأن أصلَ الرَّيب القلقُ والاضطراب، والشَّك: يؤدي إلى ذلك.

وقولُه: (أنه مِنْ عند الله): هذا بيانٌ لمتعلَّقِ الشك المنفي فيكون المعنى: لا ريبَ في أن هذا الكتاب من عند الله.

وقولُه: (وجملةُ النفي خبرٌ): يريد أنَّ جملة {لَا رَيْبَ} فيه خبرٌ، فهي في موضع رفع، واسمُ الإشارة مبتدأ.

وقولُه: (والإشارةُ به للتعظيم): يريد أنَّ وضع إشارةِ البعيد موضعَ إشارة القريب يُفيد التعظيمَ للكتاب.

وقولُه: (خبرٌ ثانٍ): يريد أنَّ {هُدًى} خبرٌ ثانٍ للمبتدأ الذي هو اسمُ الإشارة، والخبر الأول جملةُ {لَا رَيْبَ فِيهِ}.

وقولُه: (هَادٍ): يريد أنَّ {هُدًى} مصدرٌ بمعنى اسم الفاعل.

وقولُه: (الصائرينَ إلى التقوى): معناه: الذين صاروا متَّقين بلزومِهم التقوى بامتثال الأوامر والنواهي، بفعل المأمورات واجتناب المنهيَّات، وسُمِّيَ امتثالُ الأوامر والنواهي تقوى؛ لأن العبد يتقي بذلك غضبَ الله وعقابَه، وخصَّ المتقين بهداية القرآن مع أنه هدىً لجميع الناس؛ لأنهم المنتفعون به (٢)، وهدايةُ القرآن: هي هداية الدَّلالة والإرشاد والبيان.

وقولُه: (يُصدِّقون): هذا هو المشهور في معنى الإيمان في اللغة (٣)، ومعناه في الشرعِ: تصديقٌ خاصٌّ، ويتضمَّن القبولَ والانقياد، ويشمل الاسمُ جميعَ شرائع الدين (٤)، وهي: شُعَبُ الإيمان؛ كما جاء في الحديث (٥).


(١) ينظر: «مقدمة التفسير» لابن تيمية (ص ٥٢ - ٥٣).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٢٣٤ - ٢٣٥)، و «تفسير القرطبي» (١/ ١٦١).
(٣) ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بعض التنبيهات المهمة في الفرق بين الإيمان والتصديق لغة. ينظر: «الإيمان الكبير» (ص ٢٢٧ - ٢٣٠)، و «الإيمان الأوسط» (ص ٤١٣ - ٤٢٣)، و «شرح الطحاوية» لشيخنا (ص ٢٢٩ - ٢٣٠).
(٤) ينظر: «الإيمان الكبير» (ص ٢٢٦)، و «جواب في الإيمان ونواقضه» لشيخنا (٧ - ١٣).
(٥) أخرجه البخاري (٩)، ومسلم (٣٥)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>