للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ}: هو ما ذُبِحَ للتقرُّب به لغير الله؛ من صنمٍ أو قبرٍ أو مَلِكٍ أو جنِّيٍّ، والإهلالُ: رفعُ الصوتِ باسم مَنْ قصد التقرُّبَ له (١).

ولَمَّا بيَّنَ تعالى هذه المحرمات رخَّصَ للمضطر بالأكل منها؛ فقال: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم (١٧٣)}، وحدُّ الضرورة أن يخافَ على نفسه الموتَ إن لم يأكل.

وقوله: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}: حالٌ مؤكدةٌ، والباغي: هو الطالبُ لِمَا حرَّم اللهُ عليه، المائلُ إليه بشهوته، والعادي: هو المتعدي المتجاوزُ في أكله، فلا يأكل إلَّا ما يدفع الضرورةَ فلا يشبع، لكن يتزوَّد احتياطًا خشيةَ أن يضطر ولا يجدَ شيئًا.

وقوله تعالى: {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}: جوابُ الشرط في قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ}، وهو نصُّ الدليل على الرخصة.

وقوله: {إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم (١٧٣)}: تعليلٌ للرخصة في الأكل من هذه المحرمات عند الاضطرار؛ فالمعنى: غَفر للمضطر ورحمه بإباحة الأكل؛ لأنه تعالى غفورٌ رحيمٌ.

{يأيها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ} حلالاتِ {مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} على ما أَحلَّ لكم {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. {إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ} أَي: أَكلَها، إذ الكلامُ فيه وكذا ما بعدها، وهي ما لم يُذَكَّ شرعًا، وأُلحق بها بالسنَّة ما أبين من حي وخص منها السمك والجراد {وَالدَّمَ} أي: المسفوح كما في الأنعام {وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} خُصَّ اللحمُ؛ لأَنَّه مُعظَمُ المقصود، وغيرُه تَبَعٌ له {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّه} أي: ذُبِحَ على اسم غيره، والإهلالُ: رفعُ الصوت، وكانوا يرفعونه عند الذبح لآلهتهم {فَمَنْ اُضْطُرَّ}


(١) ينظر: «المفردات» للراغب (ص ٨٤٣).

<<  <   >  >>