للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: ألجأته الضرورةُ إلى أكل شيءٍ ممَّا ذُكر فأَكله {غَيْرَ بَاغٍ} خارجٍ على المسلمين {وَلَا عَادٍ} مُتعدٍّ عليهم بقطع الطريق {فَلَا إثْم عَلَيْهِ} في أَكله {إنَّ اللَّه غَفُورٌ} لأوليائه {رَحِيمٌ} بأهل طاعته، حيثُ وسَّع لهم في ذلك، وخرج الباغي والعادي، ويُلحَقُ بهما كلُّ عاصٍ بسفره؛ كالآبقِ والمكَّاسِ، فلا يحلُّ لهم أَكلُ شيءٍ من ذلك ما لم يتوبوا، وعليه الشافعي.

وقولُ المؤلِّف: (حلالات): تفسيرٌ للطيِّبِ بالحلال، والصوابُ: أنَّ الطيبَ هو المستطابُ المستلذُّ (١)، فليس كلُّ حلالٍ طيب؛ المعنى: كلوا من طيبات ما أَحللنا لكم، كما يدلُّ عليه الامتنانُ في قوله: {مَا رَزَقْنَاكُمْ}.

وقولُه: (ما أُبين من حي): يُشيرُ إلى حديث: ((ما قُطِعَ من البهيمة وهي حيةٌ؛ فهو ميتٌ)) (٢).


(١) تقدم في (ص ٣٤٦).
(٢) أخرجه أحمد (٢١٩٠٣)، وأبو داود (٢٨٥٨)، والترمذي (١٤٨٠) وغيرهم، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي واقد الليثي قال: «قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يجبون أسنمة الإبل، ويقطعون أليات الغنم، فقال عليه السلام:» فذكره.
قال الترمذي: «حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث زيد بن أسلم، والعمل على هذا عند أهل العلم».
قال ابن القطان الفاسي: «وإنما لم يصححه الترمذي؛ لأنه من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وهو يُضعَّف، وإن كان البخاري قد أخرج له». «بيان الوهم والإيهام» (٣/ ٥٨٣).
قلنا: وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار أخرج له البخاري في المتابعات، وقد ضعفه غير واحد من قبل حفظه؛ قال السلمي عن الدارقطني: «خالف فيه البخاري الناس وليس بمتروك»، وضعفه أبو حاتم وابن معين وابن عدي وغيرهم، ولخص حاله الحافظ في «التقريب» (٣٩١٣) بقوله: «صدوق يخطئ». ينظر: «ميزان الاعتدال» (٢/ ٥٧٢)، و «تهذيب التهذيب» (٦/ ٢٠٦). =
= وقد تابعه: عبد الله بن جعفر، والد علي بن المديني: عند الحاكم (٧١٥٠)، وعبد الله بن جعفر ضعيف!
وقد اختلف فيه على زيد بن أسلم اختلافًا كثيرًا، وروي عنه موصولًا ومرسلًا. ينظر: «علل ابن أبي حاتم» (٤/ ٣٥٣ - ٣٥٤)، و «علل الدارقطني» (٦/ ٢٩٧)، و «نصب الراية» (٤/ ٣١٧)، و «التلخيص الحبير» (١/ ٥٧ رقم ١٨)، و «البدر المنير» (١/ ٤٦٠).

<<  <   >  >>