للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (رُوعِيَ فيه معنى «من» وفي ضميرِ {يَقُولُ} لفظُها): يريد أنَّ «من» في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ}: اسمٌ موصولٌ لفظُه مفرد، ومعناه: جمع، ففي قوله: {وَمَا هُمْ} رُوعِي معنى: من، وهو الجمع، وفي قوله: {يقولُ} رُوعِي لفظها، وهو الإفراد.

وقولُه: (بإظهارِ خلافِ ما أبطنوهُ مِنْ الكفر): معنى ذلك أنَّ خداعَهم لله وللمؤمنين هو نفاقُهم؛ فهُم بإظهارِ الإيمان وإبطانِ الكفر يقصدون خداعَ الله والمؤمنين، وهذا من جهلِهم وسَفَههم؛ فالله لا يخدعه أحدٌ؛ لأنه علَّام الغيوب، ويعلم ما في القلوب، وكذلك المؤمنون لا يضرُّهم خداع المنافقين؛ لأنَّ الله يفضحُ المنافقين.

وقوله تعالى: {وَمَا يُخَادَعُونَ إلَّا أَنَفْسهمْ}: مشى المؤلِّفُ على قراءة نافع (١) وابن كثير (٢) وأبو عمرو (٣)، وقرأ جمهور القُرَّاء: {وَمَا يَخْدَعُونَ} بحذف الألف (٤)، واختارها ابنُ جرير (٥)، وضعَّفَ القراءةَ الأولى قائلًا: إنها لا


(١) نافع بن عبد الرحمن، أبو نعيم المدني، أحد القراء السبعة والأعلام، ثقة صالح، أخذ القراءة عرضًا عن جماعة من تابعي أهل المدينة، وأقرأ الناس دهرًا طويلًا نيفًا عن سبعين سنة، وانتهت إليه رياسة القراءة بالمدينة وصار الناس إليها. مات سنة (١٦٩ هـ) وقيل غير ذلك. ينظر: «معرفة القراء الكبار» للذهبي (ص ٦٤، رقم ٣)، و «غاية النهاية في طبقات القراء» لابن الجزري (٢/ ٣٣٠، رقم ٣٧١٨).
(٢) عبد الله بن كثير بن المطلب أبو معبد، مولى عمرو بن علقمة الكناني الداري المكي، إمام المكيين في القراءة وأحد القراء السبعة، توفي سنة (١٢٠ هـ). ينظر: «معرفة القراء الكبار» (ص ٤٩، رقم ١٥)، و «غاية النهاية» (١/ ٤٤٣، رقم ١٨٥٢).
(٣) أبو عمرو زبان بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري الإمام، مقرئ أهل البصرة وأحد القراء السبعة، وليس في القراء السبعة أكثر شيوخًا منه، توفي سنة (١٥٤ هـ). ينظر: «معرفة القراء الكبار» (ص ٥٨، رقم ١)، و «غاية النهاية» (١/ ٢٨٨، رقم ١٢٨٣).
(٤) ينظر: «التيسير في القراءات السبع» للداني (ص ٢٧٦)، و «المبسوط في القراءات العشر» (ص ١٢٦ - ١٢٧).
(٥) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٢٨٥).

<<  <   >  >>