للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأنصارَ لَمَّا ظهرَ الإسلامُ وعزَّ هموا أَنْ يقعدوا عن الجهاد ويُقبلوا على إصلاح حروثهم وبساتينهم، فنزلت هذه الآيةُ، رواه أبو داود والترمذي (١).

وقوله تعالى: {{وَأَحْسِنُوَاْ}: أَمر بإحسان العمل والإحسان إلى العباد بأنواع الإحسان. وقوله: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين (١٩٥)}: ترغيبٌ في الإحسان، وهو تعالى محسنٌ ويُحبُّ الإحسانَ والمحسنين.

ولَمَّا صُدَّ صلى الله عليه وسلم عن البيت عامَ الحديبية، وصالحَ الكفارَ على أَنْ يعود العامَ القابل، ويُخلوا له مكةَ ثلاثة أيامٍ، وتجهَّزَ لعمرة القضاء، وخافوا أَلا تفي قريش ويُقاتلوهم، وكره المسلمون قتالهم في الحرم والإحرام والشهر الحرام؛ نزل: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: لإعلاءِ دينه {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} من الكفار {وَلَا تَعْتَدُوا} عليهم؛ بالابتداء بالقتال {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} المتجاوزين ما حدَّ لهم، وهذا منسوخٌ بآية براءة، أو بقوله: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} وجدتموهم {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} أي: من مكة، وقد فعل بهم ذلك عام الفتح {وَالْفِتْنَةُ} الشركُ منهم {أَشَدُّ} أَعظمُ {مِنَ الْقَتْلِ} لهم في الحرم أو الإحرام الذي استعظمتموه {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أي: في الحرم {حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ} فيه {فَاقْتُلُوهُمْ} فيه. وفي قراءةٍ بلا ألف في الأفعال الثلاثة (٢) {كَذَلِكَ} القتلُ والإخراجُ {جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا}


(١) أخرجه أبو داود (٢٥١٢)، والترمذي (٢٩٧٢)، والحاكم (٢٤٣٤) من طريق حيوة بن شُرَيْحٍ وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، عن أبي أيوب الأنصاري، فذكره بسياق أطول وفيه قصة.
وهذا إسناد رجاله رجال مسلم؛ غير أسلم أبي عمران يزيد التُّجِيبي، وهو ثقة كما في «التقريب» (٤٠٤)، ووهم الحاكم، فصححه على شرط الشيخين.
(٢) قرأ حمزة والكسائي: {ولَا تَقْتُلُوهم}، {حتَّى يَقْتُلُوكُم}، {فَإِنْ قَتَلُوكم فَاقْتُلُوهم} بغير ألف من القتل، والباقون بالألف من القتال. ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٧٩ - ١٨٠)، و «النشر» (٢/ ٢٢٦ - ٢٢٧).

<<  <   >  >>