وقوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ}: أَمرٌ من الله لحجاج بيتِه بعد الإفاضتين من عرفة ومزدلفة بالاستغفار؛ وهو: طلب المغفرة من الله لذنوبهم، ورغبهم في ذلك بإخبارهم أنه تعالى غفورٌ؛ أي: كثيرُ المغفرةِ لذنوب عباده، والندبُ للاستغفار في هذا الموضع من قَبيل ختمِ العمل بالاستغفار؛ كالاستغفار بعد التهجد، وفي أَدبار الصلوات المكتوبة. {رَّحِيم (١٩٩)}: أي: ذو رحمةٍ واسعةٍ، فأمر تعالى في هذه الآية بذكره وبالاستغفار، وكثيرًا ما يقرن تعالى بين الأمرين؛ كقوله تعالى:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}[النصر: ٣]، وقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَار (٥٥)} [غافر: ٥٥].
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} في {أَنْ تَبْتَغُوا} تطلبوا {فَضْلًا} رزقًا {مِنْ رَبِّكُمْ} بالتجارة في الحج، نزل ردًّا لكراهتهم ذلك {فَإِذَا أَفَضْتُمْ} دفعتم {مِنْ عَرَفَاتٍ} بعد الوقوف بها {فَاذْكُرُوا اللَّهَ} بعد المبيتِ بمزدلفة بالتلبية والتهليل والدعاء {عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} هو جبلٌ في آخر المزدلفة يقال له: قزح، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم وقفَ به يذكر اللهَ ويدعو حتى أَسفر جدًا رواه مسلم (١){وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} لمعالم دينه ومناسكِ حجِّه، والكاف للتعليل {وَإِنْ} مخفَّفةٌ {كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ} قبل هداه {لَمِنَ الضَّالِّينَ}{ثُم أَفِيضُوا} يا قريش {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} أي: من عرفة؛ بأن تقفوا بها معهم، وكانوا يقفون بالمزدلفة ترفُّعًا عن الوقوف معهم، و «ثم» للترتيب في الذكر {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} من ذنوبكم {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} للمؤمنين {رَحِيمٌ} بهم.