للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (ما): بيانُ أَنَّ الاستفهام معناه: النفي.

وقولُه: (أي: أمره … ) إلى آخره: يريد أَنَّ الذي يأتي أمرُ الله؛ وهو عقابه، وهذا تأويلٌ وصرفٌ للكلام عن ظاهره، ومقصوده: أَنَّ الله لا يأتي، وهذا راجعٌ إلى أَنَّ اللهَ لا تقوم به الأفعالُ الاختيارية، وهو مذهب الأشاعرة، وهو مذهبٌ باطلٌ؛ لأنه خلافُ ما دلَّتْ عليه نصوصُ الكتاب والسنَّة من أنه تعالى فعَّالٌ لِمَا يريد، ومذهبُ السَّلفِ إثباتُ الأفعالِ الاختيارية؛ كالاستواء والنزول والمجيء (١)، فالصوابُ: إجراءُ الآيةِ على ظاهرها؛ وهو أَنَّ اللهَ نفسه يأتي (٢)، ونظيرُ هذه الآية؛ قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: ٢٢]، وقال فيها المؤلِّفُ (٣) نظيرَ قولِه في هذه الآية (٤).

وقولُه: (تم أَمرُ هلاكهم؟): لو قال: تمَّ أَمرُ إدخالهم النار لكان أَولى؛ لأَنَّ سِياقَ الآيات في يوم القيامة.

وقولُه: (بالبناء للمفعول والفاعل … ) إلى آخره: يشير إلى القراءتين في: {تُرْجَعُ} الأولى بضم التاء وفتح الجيم، والثانية بفتح التاء وكسر الجيم (٥)، و {الأُمُورُ} على القراءة الأولى: نائب فاعل، وعلى الثانية: هي الفاعل.


(١) ينظر تأصيل مسألة الأفعال الاختيارية في: «جامع الرسائل والمسائل» (٢/ ٣ - ٧٠)، و «مجموع الفتاوى» (٦/ ٦٨) وما بعدها، (٦/ ١٤٤) وما بعدها، و (١٢/ ٣٦٧) وما بعدها، و «درء التعارض» (٢/ ١٨ - ٢٠)، (٩/ ٢٦٨)، و «شرح الطحاوية» لشيخنا (ص ٥٦ - ٥٧)، و «موقف ابن تيمية من الأشاعرة» (٣/ ١١٩٩).
(٢) وقد أبطل ابن القيم من حرف صفة المجيء وفسرها بمجيء أمره؛ من عشرة أوجه. ينظر: «مختصر الصواعق المرسلة» (٣/ ٨٥٦ - ٨٦٠).
(٣) والمراد به المؤلِّف الآخر جلال الدين المحلي.
(٤) ينظر: «تفسير الجلالين» (ص ٥٩٣/ قباوة).
(٥) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وعاصم: {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} بضم التاء، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: {تَرْجِعُ الْأُمُورُ} بفتح التاء. ينظر: «السبع في القراءات» (ص ١٨١)، و «النشر» (٢/ ٢٠٨ - ٢٠٩).

<<  <   >  >>