{وَاللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (٢١٣)}: وهو دين الإسلام الذي هو الدِّينُ عند الله، ولا يُقبَلَ من أَحدٍ دينٌ سِواه، وهذا الدينُ هو الذي أَرسل الله به رُسلَه من أَوَّلهم إلى آخرهم، فدين الرسل كلِّهم هو الإسلامُ، وأعظمُ كتابٍ وأعظمُ شريعةٍ: ما أَنزله الله على خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد بعثته صلى الله عليه وسلم انحصر الحقُّ فيما جاء به، فليس على الإسلام بعد بعثته ولا على الصراط المستقيم حتى تقومَ الساعة إلَّا مَنْ آمن به واتَّبعه، فهم المعنيون بقوله: {فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (٢١٣)}.
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} على الإيمان، فاختلفوا بأَنْ آمنَ بعضٌ وكفرَ بعضٌ {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} إليهم {مُبَشِّرِينَ} مَنْ آمن بالجنة {وَمُنْذِرِينَ} مَنْ كفر بالنار {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} بمعنى الكتب {بِالْحَقِّ} مُتعلِّقٌ بـ «أنزل»{لِيَحْكُمَ} به {بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} من الدِّين {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ} أَي: الدِّين {إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ} أي: الكتاب، فآمن بعضٌ وكفرَ بعضٌ {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} الحججُ الظاهرةُ على التوحيد، و «من» متعلقة بـ «اختلف»، وهي وما بعدها مُقدَّم على الاستثناء في المعنى {بَغْيًا} من الكافرين {بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ} للبيان {الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} بإرادته {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} هدايته {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} طريقِ الحق.
وقولُ المؤلِّف:(مُتعلِّقٌ بـ «أنزل»): يُبيِّنُ أَنَّ الجارَ والمجرور في قوله: {بِالْحَقِّ} مُتعلِّقٌ بفعل أنزل الكتاب، والباءُ للملابسة، والجارُ والمجرورُ في موضع نصبٍ على الحال؛ فالمعنى: أَنزل الكتاب مشتملًا على الحق.