للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القتل، فينطبقُ على هؤلاء الطاعنين قولُ القائل: (يرى القذاةَ في عينِ صاحبه، ولا يرى الجذع في عينه) (١).

ثم أخبر تعالى أَنَّ الكفارَ لا يزالون يُقاتلون المسلمين ليَرجعوا عن دينهم، وأَنهم لا يتركون القتالَ حتى يتركَ المسلمون دينَهم، فذلك الذي يُرضيهم كما قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: ١٢٠].

وقوله تعالى: {إِنِ اسْتَطَاعُوا}: يدلُّ على أنهم لا يدَّخرون شيئًا من قدرتهم في سبيل غايتهم، وأَنهم لن يبلغوا كلَّ ما يردونه في المسلمين من صدِّهم عن دينهم، ثم أخبرَ تعالى بحكم مَنْ ارتدَّ عن دينه؛ فقال تعالى: {وَمَنْ


(١) هذا مثل من أمثال العرب السائرة المتداولة، وروي عنهم بألفاظ مختلفة. ينظر: «مجمع الأمثال» للميداني (٢/ ١٥٥، رقم ٣٠٩٥)، و «المستقصى من أمثال العرب» للزمخشري (٢/ ٢٣٦). وروي مرفوعًا وموقوفًا:
أخرجه مرفوعًا: ابن المبارك في «الزهد» -زوائده- (٢١٢)، وابن حبان في صحيحه (٥٧٦١)، وأبو نعيم في «الحلية» (٤/ ٩٩)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٦١٠) من طرق، عن محمد بن حمير قال: «حدثنا جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:» وذكر نحوه.
قال أبو نعيم: «غريب من حديث يزيد، تفرد به محمد بن حمير، عن جعفر».
وخالف محمَّدَ بن حمير: مسكينُ بن بكير، فرواه عن جعفر، به موقوفًا: أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٥٩٢) عن محمد بن عبيد بن ميمون قال: «حدثنا مسكين بن بكير الحذاء الحراني»، وذكره.
وكلاهما - محمد بن حمير، ومسكين بن بكير - ليسا من الحُفَّاظ المتقنين، وهما صدوقان لا بأس بهما فيما لم يخالفا أو ينفردا، ومسكين أحسن حالًا من ابن حمير، وكلاهما انتقى لهما البخاري في صحيحه. ينظر: «التقريب» (٥٨٣٧)، (٦٦١٥). وصحح الألباني الروايتين -المرفوعة والموقوفة- في «الصحيحة» (٣٣).
وقد روي من كلام الحسن: أخرجه الحسين المروزي في زوائده على «الزهد» لابن المبارك (٢١١) وأحمد في «الزهد» (١٦٤٨)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٩/ ٥٥٨ رقم ٣٨٠٢٥)، بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>