للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللعبة، ويدخل في حكم القمارِ كلُّ ما فيه مخاطرةٌ من البيوع؛ كبيع المجهول والمعجوز عن تسليمه، ومن ذلك جميعُ بيوع الغرر؛ كبيع الحصاةِ والملامسة والمنابذة وحبل الحبلة.

الثانية: سألوا: {مَاذَا يُنْفِقُونَ}؟ فأُجيبوا {قُلِ الْعَفْوَ}؛ أي: أَنفقوا العفوَ، وهو ما فضلَ عن الحاجة عند جمهور المفسرين من السَّلف (١)، وإن اختلفت عباراتُهم، وقال بعضهم: المرادُ بالآية الزكاة، وقال بعضُهم: إنها منسوخةٌ بفرض الزكاة، والقولان ضعيفان، والصواب: أَنَّ الآيةَ في صدقة التطوع وأنها مُحكمةٌ (٢)، وقُرِئ {العفوُ} بالرفع، وبالنصب وهي قراءة أَكثر القراء (٣).

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ}: أي: مثل هذا البيان يُبيِّنُ لكم الآيات.

وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون (٢١٩) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}: أي: لتتفكَّروا وتنظروا في حال الدنيا والآخرة، فالدنيا فانيةٌ وطيباتها مُنَغَّصةٌ، وهي دارُ ابتلاءٍ وعملٍ، والآخرةُ باقيةٌ، وهي دارُ الجزاء، والجنة فيها للمتقين هم فيها خالدون {أُكُلُهَا دَائِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّار (٣٥)} [الرعد: ٣٥]، وقد أوضح اللهُ لنا حقيقةَ الدارين، ودعانا إلى التفكُّر فيهما، وحذَّرنا من إيثار الدنيا على الآخرة.


(١) جاء ذلك عن ابن عباس في رواية مقسم، وقتادة وعطاء والسدي وابن زيد والحسن، واختاره الطبري. ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٦٨٦ - ٦٨٧)، و (٣/ ٦٩٠ - ٦٩٢)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (٢/ ٣٩٣)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٥٣٤)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٥٧٩ - ٥٨٠).
(٢) ينظر: «الناسخ والمنسوخ» للنحاس (ص ١٨٨ - ١٩٣)، و «نواسخ القرآن» لابن الجوزي (ص ٧٦ - ٧٧).
(٣) قرأ أبو عمرو وحده: {قُلِ الْعَفْوُ} بالرفع. وقرأ الباقون: {قُلِ الْعَفْوَ} بالنصب. ينظر: «السبعة» لابن مجاهد (ص ١٧٢)، و «النشر» (٢/ ٢٢٧).

<<  <   >  >>