المسألة الثالثة: سألوا عن اليتامى، عن حُكم مخالطتهم في الطعام والشراب، أو خلط أموالهم بأموالهم في النفقة أو التجارة، خشيةَ أَنْ يؤدي ذلك إلى أَكل شيءٍ من أموالهم؟ فأُجيبوا بقوله تعالى:{قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}، فتضمَّن الجوابُ أَنَّ إصلاحَ أَموالهم بأنواع الإصلاح خيرٌ لهم ولأوليائهم، وأَنَّ مُخالطتهم في الطعام والشراب أو غير ذلك لا حرج على الأولياء فيها، فهم إخوانهم.
ثم قال تعالى:{وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}؛ أي: يعلمُ المفسدَ؛ وهو الذي يريدُ بالمخالطةِ الاحتيالَ على أَكل مالِ اليتيم، ويعلمُ المصلحَ؛ الذي لا يريد بمخالطة اليتيم إلَّا مصلحته.
ثم قال تعالى:{وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ}؛ أي: لشقَّ عليكم بتحريم مخالطتهم.
وقوله: {إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم (٢٢٠)}: أي: ذو عِزَّةٍ وحكمةٍ، فيحكمُ ولا رادَّ له ولا مُعقِّب، وكلُّ ما يحكمُ به جارٍ على وِفقِ الحكمةِ.
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} القمارِ، ما حُكمهما؟ {قُلْ} لهم {فِيهِمَا} أَي: في تعاطيهما {إِثْمٌ كَبِيرٌ} عظيمٌ، وفي قراءةٍ بالمثلثة؛ لِمَا يحصل بسببهما من المخاصمة والمشاتمة وقولِ الفُحشِ {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} باللذة والفرح في الخمر، وإِصابة المالِ بلا كدٍّ في الميسر {وَإِثْمُهُمَا} أَي: ما ينشأُ عنهما من المفاسد {أَكْبَرُ} أَعظمُ {مِنْ نَفْعِهِمَا} ولَمَّا نزلت شربها قومٌ وامتنع آخرون، إلى أَنَّ حرَّمتها آيةُ «المائدة».
{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} أَي: ما قدره؟ {قُلِ} أَنفقوا {الْعَفْوَ} أَي: الفاضل عن الحاجة، ولا تُنفقوا ما تحتاجون إليه وتُضيعوا أَنفسكم،