للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَإِذَا لَقُوا} أصلُه لَقْيُوا حُذفتِ الضمة؛ للاستثقالِ، ثم الياءُ؛ لالتقائِها ساكنةً مع الواو {الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا} منهم ورجعُوا {إلَى شَيَاطِينهمْ} رؤسائهم {قَالُوا إنَّا مَعَكُمْ} في الدِّين {إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} بهم بإظهارِ الإيمان {اللَّه يَسْتَهْزِئ بِهِمْ} يُجازيهِم باستهزائِهم {وَيَمُدّهُمْ} يُمْهِلهُمْ {فِي طُغْيَانهمْ} بتجاوزِهم الحدَّ في الكفر {يَعْمَهُونَ} يتردَّدون تَحَيُّرًا، حالٌ.

وقولُ المؤلِّف: (أَصله لقيوا): يريد أنَّ أصلَ الفعل قبل إسنادِه إلى واو الجماعة: لَقيَ كرضيَ، فلمَّا أُسند إلى واو الجماعةِ ضُمَّت الياءُ لمناسبةِ واو الجماعة، ثم نُقلت الضمَّةُ إلى القاف. وقولُه: (حُذفت الضمةُ؛ للاستثقال): يريد الضمَّةَ التي على الياءِ، لمناسبة إسنادِ الفعل إلى واو الجماعة، والصواب: أنَّ الضمةَ لم تُحذفْ بل نُقلت مِنْ لام الفعل وهي الياء إلى عين الفعل وهي: القاف، فسُكِّنت الياءُ ثم حُذفت؛ لالتقاءِ الساكنين الياء والواو.

وقولُه: (منهم ورجعُوا … ) إلى آخرِه: يعني خلا المنافقون من المؤمنين بعد لقائِهم، ورجعوا إلى شياطينهم؛ وهم الرؤساء.

وقولُه: (فِي الدِّين): يعنون أننا لم نتحوَّل عن دينِنا في قولنا للمؤمنين عند لقائهم: {آمَنَّا}، بل نحن مُستهزئون بهم غيرَ جادِّين.

وقولُه: (يُجازِيهم باستهزائِهم): مضمونُه تفسير الاستهزاء من اللهِ بمجازاةِ المستهزئين، وهذا التفسير يتضمَّن نفيَ حقيقةِ الاستهزاء عن الله، وصرفَ اللفظ عن حقيقته إلى مجازه، فيكون من قَبيلِ التعبير بالسبب عن المسبَّبِ؛ من أجل المشاكلة اللَّفظية، والصواب: إجراءُ اللفظ على ظاهرِه وإثباتُ حقيقة الاستهزاء من الله بالمنافقين جزاءً على استهزائهم بالمؤمنين، فالجزاءُ من جنسِ العمل،

<<  <   >  >>