للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والهاءِ، والأَصلُ «يَتْطَهرن» فسُكِّنت التاءُ وقُلبت طاءً وأُدغمت الطاءُ في الطاء، ومعنى: يطهرن؛ يغتسلن.

وقولُه: (للجماع): تفسيرٌ للإتيان في قوله: {فَأْتُوهُنَّ}.

وقولُه: (بتجنُّبه في الحيض … ) إلى آخره: يُبيِّنُ أَنَّ الأَمر المشار إليه في قوله: {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} هو الأَمرُ باعتزالهنَّ في قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}.

وقولُه: (يُثيبُ ويُكرِمُ): هذا تأويلٌ بل تحريفٌ؛ لأنَّه تفسيرٌ للمحبَّةِ بلازمِها، فإنَّ من لازمِ محبَّةِ اللهِ للعبدِ الإثابةُ والإكرامُ، وهذا التأويلُ يتضمَّنُ نفيَ حقيقةِ المحبَّةِ عن الله؛ فهو تأويلٌ مبنيٌّ على التعطيلِ، وهذا سبيلُ المعتزلةِ ومن تبعَهم كالأشاعرةِ (١)، وأهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ يُثبتون لله حقيقةَ المحبَّةِ ويجرونَ النصوصَ على ظاهرِها مؤمنينَ بها مثبتين لما تدلُّ عليه من صفاتٍ للهِ من غيرِ تعطيلٍ ولا تحريفٍ ولا تمثيل ولا تكييفٍ، وهذا معنى قولُ من قالَ من السلفِ في آياتِ الصفاتِ وأحاديثِها: «أمرّوها كما جاءَت بلا كيفٍ» (٢).

* * *


(١) ينظر: «شرح الأصبهانية» (ص ٣٩)، و «مجموع الفتاوى» (٦/ ٢٢٥ - ٢٢٦) (١٠/ ٦٩٧)، و «مدارج السالكين» (٣/ ٣٨٣ - ٣٨٤)، و «بدائع الفوائد» (٣/ ٨٤٦)، و «التعليقات على المخالفات العقدية في فتح الباري» (ص ١٠٦، رقم ٦٨)، (ص ١١٦، رقم ٧٦)، (ص ١٤٣، رقم ١٠١).
(٢) روي بألفاظ متقاربة عن مكحول والزهري، وحكاه الوليد بن مسلم عن مالك والثوري والليث والأوزاعي. ينظر: «التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة (رقم ٣٢٨٣ و ٤٦٨٨)، و «السنة» للخلال (١/ ٢٥٩، رقم ٣١٣)، و «الشريعة» (٣/ ١١٤٦، رقم ٧٢٠)، و «الصفات» للدارقطني (رقم ٦٧)، و «الإبانة» لابن بطة (رقم ١٨٣)، و «أصول أهل السنة» (٣/ ٤٧٨، رقم ٧٣٥)، و «جامع بيان العلم» (٢/ ٩٤٣ - ٩٤٤، رقم ١٨٠١)، و «التمهيد» (٧/ ١٤٩)، و «ذم التأويل» لابن قدامة (رقم ٢١، ٢٤)، و «الأسماء والصفات» للبيهقي (٢/ ٣٧٧، رقم ٩٥٥).

<<  <   >  >>