للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَحكام مما ذكره المفسرون في تفسير الدرجة، ومن ذلك: قواميةُ الرجال على نسائهم وإمرتُهم عليهنَّ ووجوبُ طاعتهنَّ لهم بالمعروف.

وقوله: {وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيم (٢٢٨)}: أَي: قويٌّ غالبٌ، وفي ذلك تهديدٌ لمن يُخالف أَمر اللهِ أَوْ يرتكبُ ما نهى عنه من الرجال والنساء، وهو تعالى حكيمٌ؛ أَي: ذو حكمةٍ، ومن ذلك: حكمتُه فيما شرع لعباده من أَحكام المطلَّقات وغير ذلك.

وبعد: فأَهمُّ مسألةٍ تتعلقُ بهذه الآية: مسأَلةُ المرادِ بالقرء، فقد اختلف في ذلك العلماءُ من الصحابة والتابعين والأَئمة المتبوعين، فذهب كثيرون إلى أَنَّ القروءَ الأَطهارُ، وذهب آخرون كثيرون إلى أَنَّ القروءَ الحِيَضُ، فعلى القولِ الأَوَّل تنقضي عدَّةُ المطلقة الرجعية بشروعها في الحيضة الثالثة بعد الطلاق، وعلى القول الآخر -وهو أَنَّ الأَقراءَ الحِيَضُ- تنتهي عدَّتُها بطُهرها من الحيضة الثالثةِ، ولكلٍّ من الفريقين وجوهٌ من الاستدلال من الكتاب والسنَّة، وقد استوفى ذكرَها الإمامُ ابنُ القيم في زاد المعاد، وذكر أَنَّ من القائلين إنَّ الأَقراءَ الحِيَضُ: الخلفاءَ الأَربعةَ الراشدين؛ أبا بكرٍ وعمرَ وعثمان وعليًّا، واختار رحمه الله هذا القولَ ورجَّحه، والله أَعلم (١).

وقد دلَّت الآيةُ على أَنَّ كلَّ مُطلقةٍ عدَّتُها ثلاثةُ قروءٍ، وقد خرج من هذا العموم عددٌ من المطلَّقات:

الأولى: غيرُ المدخول بها، فإنه لا عدَّةَ عليها؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩].

الثانية: المطلقةُ الحاملُ؛ فإنَّ عدَّتَها تنقضي بوضع الحمل؛ لقوله تعالى: {وَأُوْلَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤].


(١) ينظر: «زاد المعاد» (٥/ ٦٠٠) وما بعدها.

<<  <   >  >>