الثالثة والرابعة: الآيسةُ من المحيض والتي لم تحضْ؛ لقوله تعالى:{وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ}، إلى قوله:{فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: ٤].
الخامسة: المطلقةُ البائنُ بينونةً كبرى؛ وهي التي طلَّقها زوجُها آخرَ ثلاث تطليقات، وقد ذهب جمهورُ العلماءِ إلى دخولها في الآية، وقالوا: إنها تتربصُ ثلاثةَ قروءٍ لعموم الآية، وذهب بعضُ العلماءِ إلى أَنها غيرُ داخلةٍ في المطلقات اللاتي يتربصنَ ثلاثةَ قروءٍ؛ لقوله تعالى في آخر الآية:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}، والمطلقةُ ثلاثًا ليس بعلها أَحق بردِّها؛ لأنها لا تحلُّ له حتى تنكحَ زوجًا غيره، وعليه فيختصُّ قولُه تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} بالرجعيات (١).
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} أَي: ينتظرنَ {بِأَنْفُسِهِنَّ} عن النكاح {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} تمضي من حين الطلاقِ، جمعُ قَرءٍ بفتح القاف؛ وهو الطُّهرُ أَوْ الحيضُ، قولان. وهذا في المدخول بهنَّ، أَمَّا غيرهنَّ فلا عدَّةَ عليهن، بقوله:{فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} وفي غير الآيسة والصغيرة فعدتهنَّ ثلاثةُ أَشهرٍ، والحوامل فعدتهنَّ أَنْ يضعنَ حملهنَّ كما في سورة الطلاقِ، والإماءُ فعدتهنَّ قَرآنِ بالسنَّةِ.
(١) والقول الأول هو قول الجمهور، بل قال ابن القيم: «بل الذي لا يَعرفُ الناسُ سواه»، والقول الثاني -أي: أن عدتها حيضة واحدة- هو اختيار أبي الحُسين بن اللَّبَّان، وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في مواضع من كتبهما، وفي مواضع علَّقا القول به على ألا يكون الإجماع على خلافه. ينظر: «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣٤٢)، و «الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية» (ص ٤٢٣)، و «اختيارات شيخ الإسلام» للبرهان ابن القيم (ص ١٢٤)، و «زاد المعاد» (٥/ ٦٧٣ - ٦٧٤)، و «إعلام الموقعين» (٣/ ٣٠٠ - ٣٠١)، و «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٧٤٧).