{أَلَمْ تَرَ} استفهامُ تعجيبٍ وتشويقٍ إلى استماع ما بعده؛ أَي: ينته علمُك {إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} أَربعةٌ أَوْ ثمانيةٌ أَوْ عشرةٌ أَوْ ثلاثون أَوْ أَربعون أَوْ سبعون أَلفًا {حَذَرَ الْمَوْتِ} مفعولٌ له، وهم قومٌ من بني إسرائيل، وقع الطاعونُ ببلادهم ففرُّوا {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا} فماتوا {ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} بعد ثمانيةِ أَيامٍ أَوْ أَكثر بدعاء نبيِّهم حِزْقِيل، بكسر المهملة والقاف وسكون الزاي، فعاشوا دهرًا عليهم أَثرُ الموت، لا يلبسون ثوبًا إِلا عاد كالكفن، واستمرَّت في أَسباطهم {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} ومنه إِحياءُ هؤلاء {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} هم: الكفَّار {لَا يَشْكُرُونَ} والقصدُ مِنْ ذِكر خبرِ هؤلاء تشجيعُ المؤمنين على القتال، ولذا عطف عليه.
وقولُ المؤلِّف:(استفهامُ تعجيبٍ … ) إلى آخره: بيانٌ للمقصود من الاستفهام، وهو أَنْ يعجبَ المخاطبُ مما سيذكر له ويشتاق إلى سماعه.
وقولُه:(ينتهِ علمُك): يُبيِّنُ أَنَّ فعل ترى بمعنى: تعلم مضمَّنٌ معنى: ينتهي؛ أَي: يبلغ أو يصل. وقولُه:(أَربعةٌ أَوْ ثمانيةٌ … ) إلى آخره: يشير إلى الأَقوال في عدد الأُلوف، والمعنى: قيل وقيل وقيل.
وقولُه:(وهم قومٌ … ) إلى آخره: هذا أَحدُ القولين في أُولئك القوم، أَنهم من بني إسرائيل، وأَنهم فرُّوا من الطاعون، وقيل: أَنهم قومٌ من غيرهم، وأَنهم فرُّوا من عدوٍّ غزاهم، والآيةُ مجملةٌ، والله أعلم.