للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتارةً يُظلمُ، فإذا أضاء مشَوا {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أي: وقفُوا (١)، وهذا مَثَلٌ للمنافقين.

{أَوْ} مَثَلُهم {كَصَيِّبٍ} أي: كأصحابِ مطرٍ، وأصلُه صَيْوِبٌ مِنْ صابَ يصوبُ أي: ينزلُ {مِنَ السَّمَاءِ} السَّحاب {فِيهِ} أي: السَّحاب {ظُلُمَاتٌ} بتكاثفه {وَرَعْدٌ} هو الملَكُ الموكَّل به، وقيل: صوتُهُ {وَبَرْقٌ} لمَعَانُ صوتُه الذي يزجرُه به {يَجْعَلُونَ} أي: أصحابَ الصَّيب {أَصَابِعَهُمْ} أي: أناملُها {فِي آذَانِهِمْ مِنَ} أجل {الصَّوَاعِقِ} شدة صوتِ الرعد لئلَّا يسمعوها {حَذَرَ} خوف {الموتِ} مِنْ سماعِها، كذلك هؤلاء إذا نزلَ القرآنُ وفيه ذِكْرُ الكفر المشبَّه بالظلماتِ، والوعيدِ عليه المشبَّه بالرعد، والحججِ البيِّنة المشبَّهة بالبرقِ، يسدُّون آذانَهم؛ لئلَّا يسمعوه فيَميلوا إلى الإيمان وتركِ دينِهم، وهو عندهم موتٌ {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} علمًا وقدرةً فلا يفوتونه {يَكَادُ} يقربُ {الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} يأخذُها بسرعة {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} أي: في ضوئِه {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} وقفوا تمثيلٌ لإزعاجِ ما في القرآن مِنْ الحُجَجِ قلوبهم وتصديقهم بما سمعوا فيه مما يحبُّون ووقوفهم عما يكرهون {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} بمعنى أسماعِهم {وَأَبْصَارِهِمْ} الظاهرة كما ذهبَ بالباطنة {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} شاءَه {قَدِيرٌ} ومنه إذهابُ ما ذُكِرَ.

وقولُ المؤلِّف: (مَثَلُهمْ): يريد أنَّ «أو» عاطفة على مَثَلهم الأول، ويحتمل أنها عاطفة على قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا}، و «أو» للتنويع.


(١) ينظر: «تفسير البغوي» (١/ ٧٠)، و «الكشاف» (١/ ٢٠٨)، و «تفسير ابن عطية» (١/ ١٤٢).

<<  <   >  >>