للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (كَأَصْحَابِ مَطَر): يريد أنَّ {صَيِّبٍ} على تقديرِ مضافٍ محذوف، والتقدير: أصحاب صَيْبٍ، وهم: المشبَّه به؛ فالمعنى: أو مثل المنافقين كأصحاب صيِّبٍ. والصَّيبُ: المطر، وهو: مِنْ صابَ يصوبُ إذا نزل، ووزنُ صَيِّب فَيْعِل، وأصلُه: صَيْوِب (١).

وقولُه: (السحاب): تفسيرٌ للسماء؛ لأنَّ السماءَ تُطلق على كلِّ ما علا وارتفع (٢)، ولذا سُمِّيَ السحابُ سماء.

وقولُه: (هو الملَكُ الموكَّل به، وقيل: صوتُهُ): هذان القولان معناهُما واحد، فمن يقول: «الرعدُ هو الملَك»؛ فإنه يُريد أنَّ ما نسمعُهُ صوت الملَكِ الذي يزجرُ السحاب، ومَن يقول: الرعدُ صوتُ المَلَك؛ فقولُه راجعٌ للأول (٣)، ولا ريب أنَّ الرعد هو ذلك الصوت الذي ينطلقُ من السحاب، فتارةً يكون قاصفًا فيُوجب الخوف، وتارةً يكون هادئًا، وأمَّا مصدرُ الصوت فأكثر المفسِّرين على أنه مَلَكُ السحاب، وإذا لم يكن لهذا التفسير أصلًا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوزُ الجزم به نفيًا ولا إثباتًا، ولعل هذا التفسيرَ المأثورَ مأخوذٌ عن بعض أهل الكتاب، والله أعلم.

وقولُه: (لمَعَانُ صوتُه): أي صوت الملَك، وتفسيرُ البرق بلَمَعانِ صوتِ الملَك لا يظهر وجهُه، وذكر ابنُ جرير أنَّ البرقَ مخاريقُ يَزجرُ بها الملَكُ السحاب (٤).

وقولُه: (أي: أناملها): الأنامِلُ: أطرافُ الأصابع، يريد أنهم لا يجعلون في الآذانِ كلَّ الأصبع بل طرف الأصبع، وهو الأُنملة، ويقول أهل البلاغة: أنَّ هذا من التعبير بالكلِّ عن البعض، وهو: مجازٌ مرسل.


(١) ينظر: «غريب القرآن» لابن قتيبة (ص ٤٢)، و «تفسير الطبري» (١/ ٣٥٠ - ٣٥١).
(٢) ينظر: «معاني القرآن» للزجاج (١/ ١٠٨)، «لسان العرب» (١٤/ ٣٩٨).
(٣) ينظر الخلاف في: «تفسير الطبري» (١/ ٣٥٦ - ٣٦٢)، و «تفسير ابن عطية» (١/ ١٣٩)، و «زاد المسير» (١/ ٣٩ - ٤٠).
(٤) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٣٦٢ - ٣٦٣)، وأسنده لعلي بن أبي طالب، وابن عباس رضي الله عنهم.

<<  <   >  >>