للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البراز، وهو المكانُ المتسعُ من الأَرض (١)، فلمَّا برزوا لقتال العدو دعوا ربَّهم واستنصروه فقالوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا}؛ أي: أَنزل علينا، {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} فلا نَفِر، {وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين (٢٥٠) وهم: جالوتُ وجنودهُ، فصبَّرهم اللهُ وثبَّتهم ونصرَهم على جالوت وجنودِه، {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّهِ}، وكان في جند طالوت نبيُّ الله داود، فقتل داودُ جالوتَ، ولعلَّ ذلك قبل أَنْ يكون نبيًا.

وقد روى ابنُ جرير رواياتٍ إسرائيليةٍ في شأن طالوت وجنوده والنهر، وصفةِ قتلِ داودَ لجالوت (٢)، وكلّها مما لا يُصدَّقُ ولا يُكذَّبُ، أَمَّا ما دلَّ عليه القرآنُ فيجب الإيمانُ به والقطعُ بصحَّته مثل: أَنَّ الملأ من بني إسرائيل سألوا نبيَّهم أَنْ يبعث لهم ملكًا يُقاتلون معه، وأَنَّ اللهَ بعث لهم طالوتَ ملكًا، وجعل له آيةً تدلُّ على أَنَّ اَللهَ بعثه ملكًا عليهم، وهي: أَنْ يأتيهم التابوتُ تحملُه الملائكةُ، وأَنَّ طالوتَ سار بجنوده، وأَنهم ابتُلوا بنهرٍ ونهاهم طالوتُ عن الشرب منه، وأَنهم صاروا في الشرب من النهر طوائف، وأَنهم برزوا لقتال جالوت وجنودِه، وأَنهم هزموهم وقتلَ داودُ جالوتَ، كلُّ هذا يجبُ القطعُ به لدلالة القرآن عليه، وما سوى ذلك مما ذُكر في الروايات الإسرائيليةِ فمشكوكٌ فيه لا يُصدَّقُ ولا يُكذَّبُ.

وقولُه تعالى: {وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ}: أَي: آتى اللهُ داودَ الملكَ على بني إسرائيل، والحكمة: وهي النبوة (٣)، {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء}: من العلوم الدينية والسياسية والصناعية. وقولُه تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}: كدفع الكافرين بجهاد المؤمنين؛ {لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} بنشر


(١) ينظر: «المفردات» (ص ١١٨).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٤٩٨ - ٥١٣).
(٣) ينظر: «الوجوه والنظائر» لمقاتل (ص ٧٣)، و «نزهة الأعين النواظر» (ص ٢٦٢).

<<  <   >  >>