وقولُه تعالى:{تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}: الإشارةُ لِمَا تقدَّم من الآيات وغيرها من آيات القرآن، يتلوها جبريلُ على النبي صلى الله عليه وسلم بالحق؛ أي: مشتملةً على الحقِّ صدقًا في الأَخبار وعدلًا في الأحكام، ليتلوها النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الناس؛ كما قال تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}[الجمعة: ٢].
وقولُه تعالى: {وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين (٢٥٢)}: خبرٌ من الله وبشارةٌ بأَنَّ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم من رُسل اللهِ الذين اصطفاهم وأَرسلهم بالبينات، وأَنزل عليهم الكتابَ والحكمةَ، وجعلهم حجَّةً على عباده، وأَخرج بهم مَنْ شاء من الظلمات إلى النور، وهداهم إلى الصِّراط المستقيم.
{فَلَمَّا فَصَلَ} خرجَ {طَالُوتُ بِالْجُنُودِ} من بيت المقدس، وكان حرًّا شديدًا، وطلبوا منه الماءَ {قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ} مُختبركم {بِنَهَرٍ} ليظهر المطيع منكم والعاصي. وهو بين الأُردن وفلسطين {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ} أَي: من مائه {فَلَيْسَ مِنِّي} أَي: من أَتباعي {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْه} يذقْهُ {فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غَرْفَةً} بالفتحِ والضَّمِّ {بِيَدِهِ} فاكتفى بها ولم يزد عليها؛ فإنَّه منِّي. {فَشَرِبُوا مِنْهُ} لَمَّا وافوه بكثرةٍ {إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} فاقتصروا على الغُرفة. روي أنها كفتهم لشربهم ودوابهم، وكانوا ثلاثمائة وبضعةَ عشر (١).
(١) أخرجه البخاري (٣٩٥٧) عن البراء بن عازب رضي الله عنه، أنه قال: حدثني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرًا: «أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت، الذين جازوا معه النهر، بضعة عشر وثلاث مائة»، قال البراء: «لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن».