للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَيَّده بروح القدس؛ وهو جبريل عليه السلام؛ فقال تعالى: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}، وفضَّل سبحانه عيسى بن مريم بما آتاه من البينات، وأَيَّده بروح القدس؛ وهو جبريل عليه السلام.

وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِم مِنْ بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}: يعني تعالى: أَنَّ الذين اقتتلوا من بعد ما جاءتهم الرسلُ بالبينات أَنَّ اقتتالهم بمشيئة الله وتقديره، ولو شاء اللهُ ما اقتتلوا، وسببُ ذلك أنهم اختلفوا، فمنهم مَنْ آمن ومنهم مَنْ كفر، وهو ما بيَّنه تعالى بقوله: {وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَنْ كَفَرَ}، ثم أَكَّد تعالى أَنَّ الاقتتالَ بين المؤمنين والكفار كان بإرادته؛ أَي: الإرادة الكونية، ولو شاء اللهُ أَنْ لا يقتتلوا ما اقتتلوا، {وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد (٢٥٣)}، فلا رادَّ لقضائه، ولا مُعقِّبَ لحكمه، وله الحكمةُ البالغةُ فيما يفعل ويريد.

{تِلْكَ} مبتدأٌ {الرُّسُلُ} صفةٌ، والخبرُ {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} بتخصيصه بمنقَبةٍ ليست لغيره {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} كموسى {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ} أَي: محمدًا {دَرَجَاتٍ} على غيره؛ بعمومِ الدَّعوة، وختمِ النبوَّة به، وتفضيل أُمَّته على سائر الأُمم، والمعجزاتِ المتكاثرةِ، والخصائص العديدة {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ} قوَّيناه {بِرُوحِ الْقُدُسِ} جبريل، يسير معه حيث سار.

{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ} هُدى الناسِ جميعًا {مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ} بعد الرُّسل؛ أي: أُممهم {مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} لاختلافهم وتضليلِ بعضِهم بعضًا {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا} لمشيئته ذلك {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ} ثبت على إيمانه {وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} كالنصارى بعد المسيح {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ

<<  <   >  >>