{وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} لا يُعجزه شيءٌ {حَكِيمٌ} في صنعه. فأخذ طاووسًا ونسرًا وغرابًا وديكًا، وفعل بهنَّ ما ذكر، وأَمسكَ رؤوسهنَّ عنده ودعاهنَّ، فتطايرت الأجزاءُ إلى بعضها حتى تكاملت، ثم أَقبلت إلى رؤوسها.
وقولُ المؤلِّف:(اذكرْ): هذا تقديرُ العاملِ في الظَّرفِ {إِذْ}، وعلى هذا فالظرفُ مفعولٌ به. وقولُه:(تعالى له): يُبيِّن أنَّ القائلَ لإبراهيمَ: {أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ} هو اللهُ تعالى.
وقولُه:(بقدرتي على الإحياء … ) إلى آخره: هذا تقديرُ المعمولِ لـ {تُؤْمِنْ}.
وقولُه:(سأَله مع علمه): بيانٌ لحكمةِ سؤالِ اللهِ إبراهيمَ عن إيمانه.
وقولُه:(فيعْلم السامعون غرضَه): المراد: فيعْلم السامعون دعاءَ إبراهيمَ؛ غرضَه من دعائه، وذلك قوله:{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}.
وقولُه:(يسكن … ) إلى آخره: سكونُ القلبِ: زيادةُ الإيمانِ، وهو يحصلُ بتضافر الأدلَّةِ، ولهذا طلبَ إبراهيمُ دليلَ المعاينةِ لِيَنضمَّ إلى دليل النظرِ بالعقل، وهذا معنى قول المؤلِّف:(بالمعاينة المضمومةِ إلى الاستدلال)، وبذلك يرتقي من علم اليقينِ إلى عين اليقينِ. وقولُه:(بكسرِ الصَّادِ وضمِّها … ) إلى آخره: يشيرُ إلى القراءتَينِ في قوله: {صُرْهُنَّ إلَيْك}، فبضمّ الصَّادِ مِنْ «صَارَهُ يَصْرُوهُ»، وبكسرها من:«صَارَهُ يصيِروه»(١)، ومعناهما:«أمالَهُ»، ولهذا قالَ المؤلِّف:«{فَصِرْهُنَّ}: أَمِلْهُنَّ إلَيْك».
(١) قرأ أبو جعفر وحمزة وخلف، ويعقوب برواية رويس: {فَصِرْهُنَّ إِلَيْكَ} بكسر الصاد. وقرأ الباقون: {فَصُرْهُنَّ} بضم الصاد. ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٨٩ - ١٩٠)، و «النشر في القراءات العشر» (٢/ ٢٣٢).