لا غايةً في الصلابة أو اللُّيونة فلا يمكن الاستقرارُ عليها {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} سقفًا {وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ} أنواعِ {الثَّمَرَات رِزْقًا لَكُمْ} تأكلونَه وتَعلفُونَ به دوابَّكم {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} شركاءَ في العبادة {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه الخالقُ ولا تخلقون ولا يكون إلهًا إلا مَنْ يخلق.
وقولُ المؤلِّف:(أي: أهلَ مكة): يريد أنَّ المخاطَب في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} هم الكفار مِنْ أهل مكة، وفي هذا التفسير نظرٌ؛ لأنَّ السورة مدنية، والصواب: أنه خطابٌ لجميع الناس من المؤمنين والكفار والمنافقين، وهم الطوائفُ المذكورة قبل.
وقولُه:(وحِّدُوا): فسَّرَ العبادة بالتوحيد؛ لأنَّ التوحيدَ هو عبادة الله وحدَه لا شريك له، وهذا ما بعثَ الله به جميعَ المرسلين.
وقولُه:(أنشأَكُم ولم تكونوا شيئًا): هذا معنى {خَلَقَكُمْ}، ومعنى: أنشأكم: أوجدكم بعد العدم.
وقولُه:(خلقَ): يريد أنَّ العامل في الموصول محذوفٌ، والتقدير: وخلق الذين مِنْ قبلكم، والمعطوف هو الموصول، والمعطوف عليه ضميرُ المخاطبين، وكلاهما في موضعِ نصب.
وقولُه:(بعبادتِه عقابَه): يريد أنَّ التقوى تتحققُ بعبادة الله وحده لا شريك له، فمَن عبدَ اللهَ كما أُمر فقد اتقاه، والمُتَّقَى: هو العقاب، ويصحُّ أن يكون التقدير: لعلَّكم تتقون الله. وقولُه:(ولعلَّ … ) إلى آخره: يريد أنَّ معنى «لعل» في الأصل: الرجاء، وهذا مِنْ المخلوق ظاهرٌ، أمَّا مِنْ الله فيقول المؤلِّف: إنها للتحقيق؛ مثل ما قالوا في «عسى» من الله واجبةٌ (١)، وقيل: أنَّ «لعلَّ» في مثل هذا السِّياق للتعليل.
(١) وهذا مروي عن ابن عباس، قال: «كل عسى في القرآن فهي واجبة»، أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٣٧٦)، وابن أبي حاتم في التفسير (٦/ ١٧٦٦، رقم ١٠٠٦٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٩/ ٢٣، رقم ١٧٧٥٣).