للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (خلقَ): فسَّر الجعل في هذه الآية؛ بمعنى الخلق، والأظهر أنَّ {جَعَلَ} في الآية بمعنى صَيَّرَ؛ فتَنصب مفعولين؛ المفعول الأول: {الأرضَ}، والثاني: {فِرَاشًا} (١).

وقولُه: (حالٌ): أعرب {فِرَاشًا} حال {بِنَاءً}، على أن {جَعَلَ} عنده بمعنى: خلق، وهي لا تنصبُ إلَّا مفعولًا واحدًا.

وقولُه: (بساطًا … ) إلى آخره: المعنى: جعل الأرض فراشًا مبسوطًا ومهادًا تصلحُ للاستقرار عليها والعيش فيها، فلم تكن صلبةً كالحديد، ولا رِخوة كالطين؛ قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} [النبأ: ٦]، وقال تعالى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: ٤٨].

وقولُه: (سقفًا): المعنى: جعل السماءَ سقفًا؛ أي: بناءً عاليًا؛ كما قال تعالى: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: ٥]، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا} [الأنبياء: ٣٢].

وقولُه: (أنواعِ): أي أصناف ثمرات الأشجار والزروع مِنْ الفواكه والحبوب، رزقَا لكم ولدوابِّكم مما يأكل الناس والأنعام، والجار والمجرور الأول حال، و «من» بيانية، والجار والمجرور الثاني صفة لرزق، ومعنى الآية: {وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ} - أي: السحاب - {مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ} رزقًا لكم من أنواع الثمار، والباء في {بِهِ} سببية.

وقولُه: (تأكلونَه … ) إلى آخره: يبيّن أنَّ الرزق عامٌّ فيما يأكلُه الناس وما تأكله الأنعام، ويشهد له قوله تعالى: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} [طه: ٥٤]، وقوله: {مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ} [يونس: ٢٤]، وقوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ}؛ أي: لا تعتقدوا أنَّ لله أندادًا، وتحكموا بذلك، والفاء للتفريع أو هي الفصيحة،


(١) ينظر: «تفسير الراغب» (١/ ١١١ - ١١٢)، و «تفسير البيضاوي» (١/ ٥٥)، و «الدر المصون» (١/ ١٩٢).

<<  <   >  >>