للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جمعُ ضعيفٍ، ويُجمَعُ على ضِعَافٍ، والإعصارُ: هي الريحُ الشديدةُ الباردةُ، وقيل: ريحٌ شديدةٌ فيها سمومٌ (١)، وهو ما يدلُّ عليه قوله: {فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ}؛ أي: احترقَتْ أشجارُ الجنةِ وثمارُها فلم يبقَ فيها نفعٌ لصاحبِها مع ما هو عليه من عجزِه وعجزِ ذريتِهِ فذهب عملُهُ فيها وما أنفقَه في غرسها وإصلاحها باطلًا وخسرَ خسرانًا مُبينًا.

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ}: أي: مثلُ هذا البيانِ والتفصيلِ للآياتِ السابقةِ يُبيِّنُ سائرَ الآياتِ من كتابه.

وقولُه: {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون (٢٦٦)}: «لعلَّ»: للتعليل؛ فالمعنى: بيَّنَ لكم الآياتِ لِتتفكَّروا فيها وتتدبَّروها فتَفهموها وتهتدوا بها.

{أَيَوَدُّ} أَيحبُّ {أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} بستانٌ {مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا} ثمرٌ {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَ} قد {أَصَابَهُ الْكِبَرُ} فضعفَ من الكبر عن الكسب {وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ} أولادٌ صغارٌ لا يقدرون عليه {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ} ريحٌ شديدةٌ {فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} ففقدها أَحوج ما كان إليها، وبقي هو وأولادُه عجزةً مُتحيِّرين لا حيلةَ لهم. وهذا تمثيلٌ لنفقة المرائي والمانِّ في ذهابها وعدمِ نفعها أَحوج ما يكون إليها في الآخرة. والاستفهامُ بمعنى النفي. وعن ابن عباس: هو لرجلٍ عملَ بالطاعات ثم بعثَ له الشيطانُ فعمل بالمعاصي حتى أَحرقَ أَعمالَه {كَذَلِكَ} كما بين ما ذُكِر {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} فتعتبرون.


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٦٩٠ - ٦٩٣)، و «المحرر الوجيز» (٢/ ٧٠)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٣١٩ - ٣٢٠).

<<  <   >  >>