للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قريبًا من معنى {شَكُور}؛ كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور (٣٠)} [فاطر: ٢٩ - ٣٠].

واختلف المفسرون في الإنفاق المأمور به في الآية؛ فقيل: هو الزكاةُ، وقيل: صدقةُ التطوع، وظاهرُ الآية العمومُ؛ كقوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون (٣)} [البقرة: ٣]، يشمل النفقةَ الواجبةَ والمستحبةَ (١).

وقد استُدلَّ بالآية على وجوب الزكاةِ في عروض التجارة؛ لقوله: {مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}، وعلى وجوب الزكاةِ في الخارج من الأرض من قوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ}، فأَمَّا عروضُ التجارةِ فذهب جمهورُ العلماءِ على وجوب الزكاةِ فيها (٢)، وهي: كلُّ ما أُعِدَّ للبيع وطُلِبَ به الرِّبحُ، وذهبت الظاهريةُ إلى عدم وجوب الزكاةِ في العروض (٣).

وأَمَّا الخارجُ من الأرض؛ ففي وجوبِ الزكاةِ فيه مذاهب (٤)؛ فقيل: تجبُ الزكاةُ في كلِّ خارجٍ من الأرض؛ من الحبوب والثمارِ والفواكهِ والخضرواتِ؛ لعموم الآية.

وقيل: يختصُّ وجوبُ الزكاة بما يُوسَقُ من الحبوب والثمار؛ كالتمر والعنب والبر والشعير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دونَ خمسةِ أَوْسُقٍ من حب أو ثمر صدقةٌ)) (٥).


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٧٠٩ - ٧١٠)، و «المحرر الوجيز» (٢/ ٧١ - ٧٢).
(٢) ينظر: «المجموع شرح المهذب» (٦/ ٣ - ٥)، و «المغني» (٤/ ٢٤٨ - ٢٤٩).
(٣) ينظر: «المحلى» (٤/ ٣٩).
(٤) ينظر: «المجموع شرح المهذب» (٥/ ٤٣٠ وما بعدها)، (٥/ ٤٦٨ - ٤٧١)، و «المغني» (٤/ ١٥٤ ما بعدها).
(٥) أخرجه البخاري (١٤٥٩)، ومسلم (٩٧٩)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

<<  <   >  >>