للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تعالى: {وَاللّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيم (٢٧٦)}: أَي: يُبغضه، ومَن أَبغضه اللهُ فاته كلُّ خيرٍ وباءَ بالشقوة فكان من الخاسرين، والكفَّارُ: المبالغُ بالكفر، والأَثيم: المقترف للآثام، وهي: المعاصي.

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} أي: يأخذونه، وهو الزيادةُ في المعاملة بالنقود والمطعومات في القَدْر أو الأَجَل {لَا يَقُومُونَ} مِنْ قبورهم {إِلَّا} قيامًا {كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ} يصرعُه {الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} الجنونِ بهم متعلقٌ بـ «يقومون». {ذَلِكَ} الذي نزل بهم {بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} في الجواز. وهذا من عكس التشبيه مبالغةٌ.

فقال تعالى ردًّا عليهم: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ} بَلغَه {مَوْعِظَةٌ} وعظٌ {مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى} عن أكله {فَلَهُ مَا سَلَفَ} قبل النهي؛ أي: لا يستردّ منه {وَأَمْرُهُ} في العفو عنه {إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ} إلى أَكله مُشبِّهًا له بالبيع في الحلِّ {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} يُنقصُه ويُذهبُ بركتَه {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} يزيدها وينميها ويُضاعفُ ثوابَها {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ} بتحليلِ الرِّبا {أَثِيمٍ} فاجرٍ بأَكله؛ أَي: يُعاقبُه.

وقولُ المؤلِّف: (أَي: يأخذونه … ) إلى آخره: تفسيرٌ للأكل بالأَخذ، وهو من التعبير بالشيء عن سببه، وفسَّر الربا بالزيادة؛ لأَنَّه من ربا يربو: إذا زاد، وأَشار إلى أَنَّ الربا في الشرع نوعان: ربا فضل، وربا نَسَأ؛ بقوله: (وهو الزيادةُ في المعاملة بالنقود والمطعومات في القدر أو الأجل)؛ فقولُه: (في القَدْر): يريد: ربا الفضلِ، وقولُه: (الأَجَل): يُشير إلى ربا النسأ.

<<  <   >  >>