للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١٥)} [الزمر: ١٥].

ونزلَ ردًّا لقول اليهود لَمَّا ضرب الله المثلَ بالذبابِ في قوله: {وَإِنْ يَسْلُبهُمْ الذُّبَاب شَيْئًا} والعنكبوت في قوله: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت} ما أرادَ الله بذكرِ هذه الأشياء الخسيسةِ؟ فأنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ} يجعلَ {مَثَلًا} مفعولٌ أول {مَا} نكرةٌ موصوفة بما بعدها مفعولٌ ثان أي: مثل كان، أو زائدة لتأكيدِ الخِسَّة، فما بعدها المفعول الثاني {بَعُوضَة} مفردُ البعوضِ وهو صغارُ البَقِّ {فَمَا فَوْقهَا} أي: أكبرُ منها أي: لا يترك بيانُه لِمَا فيه مِنْ الحِكَم {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ} أي: المثل {الحَقُّ} الثابت الواقع موقعه {مِنْ رَبّهمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّه بِهَذَا مَثَلًا} تمييزٌ أي: بهذا المثل، و «ما» استفهامُ إنكارٍ مبتدأٌ و «ذا» بمعنى الذي، بصلته خبرُهُ أي: أيُّ فائدةٍ فيه؟ قال - تعالى - في جوابِهم {يُضِلُّ بِهِ} أي: بهذا المثل {كَثِيرًا} عن الحقِّ لكفرِهم به {وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} مِنْ المؤمنين لتصديقِهم به {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ} الخارجينَ عن طاعتِه {الَّذِينَ} نَعْتٌ {يَنْقُضُونَ عَهْد اللَّه} ما عَهِدَهُ إليهم في الكتبِ من الإيمان بمحمَّدٍ {مِنْ بَعْد مِيثَاقِهِ} توكيدِهِ عليهم {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَنْ يُوصَل} مِنْ الإيمان بالنبي والرَّحمِ وغيرِ ذلك و «أنْ» بدلٌ مِنْ ضميرِ «به» {وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} بالمعاصي والتعويقِ عن الإيمان {أُولَئِكَ} الموصوفونَ بما ذُكِرَ {هُمْ الْخَاسِرُونَ} لمصيرِهم إلى النارِ المؤبَّدةِ عليهم.

وقولُ المؤلِّف: (ونزلَ ردًّا … ) إلى آخره: يذكر هنا سببَ نزول هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي}، وذلك أنَّ الله لَمَّا ضرب المثلَ بالذباب وبالعنكبوت

<<  <   >  >>