للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأصنام المشركين قال الكفار والمنافقون: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}، ومعنى قولهم: أنَّ هذه الأشياء حقيرةٌ فكيف يضرب اللهُ المثلَ بهذه الأشياء الحقيرة التي يُستحيا من ذكرها؟! فأنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (١)، فإنَّ ضَرْبَ الأمثال من طرق بيانِ الحق وإبطالِ الباطل، لذلك يضرب الله المثلَ بما شاء بعوضةً أو أكبر من البعوضة أو أصغر من البعوضة. وقولُه: (يجعلَ): فيه تفسيرُ ضربِ المثل بالجَعْلِ، والجَعْلُ: بمعنى: التصيير، ينصبُ مفعولين، وجعل المثل تشبيه الشيء بالشيء، ولذا جعل المؤلِّف مثلًا مفعولًا أولًا، و «ما» نكرة موصوفة.

وقولُه: (لا يترك بيانُه لِمَا فيه من الحِكَمِ): يريد أنَّ معنى الآية أنَّ الله لا يتركُ ضربَ المثَلِ بما شاء من صغيرٍ وكبيرٍ؛ لأنَّ في ضربِ المثل حِكَمًا، وهو بيان الحق.

وقولُه: (أي: المثل): يريد أنَّ الضمير في قوله تعالى: {أَنَّهُ الْحَقُّ} يعود إلى المثل الذي ضربَه الله، فالمعنى: أنَّ الذين آمنوا بالله ورسوله يؤمنون بأنَّ المثلَ الذي يضربه الله يعلمون أنه الحق، أي: الموافقُ للحكمة المحصِّل للمقصود.

وقولُه: (تمييزٌ): يريد أنَّ {مَثَلًا} منصوبٌ على التمييز؛ لقولهم: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا}، وقدَّره المؤلِّف بقوله: «ماذا أراد الله بهذا المثل مثلًا» (٢)، فاسم الإشارة راجعٌ إلى المثل الذي ضربه الله في ضرب المثل بالعنكبوت والذباب.

وقولُه: «ما» استفهامُ إنكارٍ مبتدأٌ … ) إلى آخره: يريد أنَّ «ما» في قولهم: «ماذا» اسم استفهام، وهي: مبتدأ فهي في موضعِ رفع، والاستفهام إنكار أي: استنكارٌ واعتراضٌ من الكفار على ما ضربه الله من المثل، فالمعنى: أيُّ فائدةٍ


(١) وهو قول ابن عباس كما في رواية عطاء وأبي صالح عنه، والحسن وقتادة ومقاتل. ينظر: «أسباب النزول» للواحدي (ص ٢٣ - ٢٤)، و «العجاب» لابن حجر (١/ ٢٤٥).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٤٣٢).

<<  <   >  >>