من ضرب ذلك المثل؟ و «ذا» في قولهم {مَاذَا} اسم موصول بمعنى: الذي، وجملة {أَرَادَ اللَّهُ} صلةُ الموصول، والموصول وصلتُه خبرُ المبتدأ الذي هو:«ما» الاستفهامية.
وقولُه:(قال - تعالى - في جوابِهم … ) إلى آخره: يريد أنَّ قوله تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} جوابٌ لقول الكفار: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}، وقد تضمَّن الجواب بيانَ حكمته - تعالى - في ضرب المثل؛ وهي ابتلاء العباد فيهتدي به مَنْ آمن بأنه الحق - وهم كثيرٌ - ويُضِلُّ به مَنْ طعن في حكمة لله مِنْ ضرب المثل حتى قالوا: ماذا أراد الله بضرب هذا المثل، فإنه لا تظهرُ فيه حكمة فأيُّ فائدة في ضربه المثلَ؟ فصار ضَرْبُ المثل سببًا لهداية المؤمنين وسببًا لضلال الكافرين، وهذا معنى قوله تعالى:{يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}.
وقولُه:(الخارجينَ عن طاعتِه): يريد أنَّ الفاسقين هم الكفار والمنافقون، فَفِسْقُهُم هو الفِسق الأكبر، وهو: المذكور في قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}[السجدة: ٢٠]. وفي قول المؤلِّف:(الخارجينَ) إشارةٌ إلى أصل معنى الفِسق في اللغة، وهو الخروج عن الشيء، ومنه قولهم:«فسقتِ الرُّطبةُ مِنْ قشرها» أي: خرجتْ (١).
وقولُه:(نَعْت): يريد أنَّ الاسم الموصول بصلتِه نعتٌ للفاسقين، فالموصول في محل نصب؛ لأنَّ الفاسقين مفعولٌ به ليضل، والاستثناء مُفرَّغ.
وقولُه:(مَا عَهِدَهُ إليهم … ) إلى آخره: هذا تفسيرٌ للعهد الذي ينقضونه، وهو أنَّ مما عهد الله به إلى أهل الكتاب أن يؤمنوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إذا