للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (من النعيمِ): بيانٌ لما كان فيه من الحال الحسنة في الجنة، وقد بيَّن - سبحانه - ذلك في قوله: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى *} [طه: ١١٨ - ١١٩]، وقوله: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} [البقرة: ٣٥].

وقولُه: (إلى الأرضِ … ) إلى آخره: الهبوطُ ضدُّ الصعود، وكلاهما يتعدَّى بـ «إلى»، وكان هبوطُ آدم وزوجِه من الجنة إلى الأرض، وجاء في هذه الآية أمرُهما بالهبوط بصيغة الجمع، وتأوَّلَه المؤلِّف: بأنه خطابٌ لآدم وزوجِه بلفظ الجمع؛ لاشتمالِهما على الذرية التي ستكون منهما، وهذا مِنْ أحسن التوجيه (١)، وقد قيل: بأنه خطابٌ لآدمَ وزوجِه وإبليس، وهذا أجود؛ لقوله: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}، وإبليس: عدوٌّ لآدم وزوجه وذريتهما، وعليه فلا إشكالَ في جمع الضمير (٢).

وقولُه: (بعضُ الذرية): هذا التفسير يتضمَّن أنَّ العداوةَ المذكورة هي التي تكون بين بني آدم، وأظهرُها وأكثرُها العداوة بين المؤمنين والكفار، ومن أسباب العداوة ما سببُهُ الظلم بين الناس. وقولُه: (موضعُ قرار): يريد أنَّ {مُسْتَقَرٌّ} اسمُ مكانٍ من استقرَّ، والاستقرارُ في المكان هو: الثباتُ فيه (٣).

وقولُه: (ما تتمتعونَ به من نباتها): أصل المتاع اسمُ مصدر بمعنى التمتُّع، وهو الانتفاع بالشيء (٤)، وقد يُعبَّر به عن المتمتَّعِ به، وقد مشى المؤلِّف على هذا فقال: المتاع: ما يُتَمتَّعُ به من نبات الأرض، والصحيح: أنه عامٌّ لكلِّ ما


(١) واختاره الفراء في «معاني القرآن» (١/ ٣١)، والزمخشري في «الكشاف» (١/ ٢٥٥).
(٢) قاله مقاتل، واختاره الأخفش في «معاني القرآن» (١/ ٨٤)، والطبري في تفسيره (١/ ٥٧١).
(٣) ينظر: «المفردات» للراغب (٦٦٢)، و «لسان العرب» (٥/ ٨٤).
(٤) ينظر: «لسان العرب» (٨/ ٣٢٩).

<<  <   >  >>