ثم رجعوا إلى الوزير، ثم عادوا إلى القصر ونحن وقوف، ثم أمرنا بالجلوس في سقيف هنالك، ثم أتوا بالطعام وأتوا بقلال من الذهب يسمونها السبني (بضم السين والياء آخر الحروف) وهي مثل قدور ولها مرافع من الذهب تجلس عليها يسمونها السبك (بضم السين والباء الموحدة) ، وأتوا بأقداح وطسوت وأباريق كلها ذهب وجعلوا الطعام سماطين وعلى كل سماط صفان ويكون في رأس الصف كبير القوم الواردين، ولما تقدمنا للطعام خدم الحجاب والنقباء وخدمنا لخدمتهم.
ثم أتوا بالشربة فشربنا. وقال الحجاب: باسم الله ووقف الوزير ووقفنا معه، ثم خرجوا من داخل القصر ثيابا غير مخيطة من حرير وكتان وقطن فأعطي كل واحد منا نصيبه منها، ثم أتوا بتيفور ذهب فيه الفاكهة اليابسة، وتيفور مثله فيه الجلاب، وتيفور ثالث فيه التبنول، ومن عادتهم أن الذي يخرج له ذلك يأخذ التيفور بيده ويجعله على كاهله، ثم يخدم بيده الأخرى إلى الأرض فأخذ الوزير التيفور بيده قصد أن يعلمني كيف أفعل إيناسا منه وتواضعا ومبرة جزاه الله خيرا ففعلت كفعله.
[ثم انصرفنا على الدار المعدة لنزولنا بمدينة "دهلى" وبمقبرة من "دروازة" وبعد وصولنا بعثت لنا الضيافة وهي مع جزار وطحان، وأمرتهما أن يعطونا مقدارا معينا كل يوم، وذلك مدة إقامتنا في بلادها، وكان وزن اللحم بمقدار وزن الدقيق، ومكثنا نستلم ضيافتها إلى أن انصرفنا من بلادها ولم أر مثلها في نساء الملوك لما حوته من العز والجاه والكرم العديم المثال". جورج سند دوفان]
كانت صاحبة روايات فرنساوية، سمت نفسها "جورج سند" ولدت في باريس سنة ١٨٠٤ ميلادية، وتوفي أبوها "موريس دوين" ولم يكن لها من العمر سوى أربع سنوات فربتها جدتها الكونتس "دوهدن"، وبعد أن صرفت نحو سنتين في مدرسة يومية في باريس رجعت إلى "توهان" سنة ١٨٢٠م. وعند وفاة جدتها بعد ذلك بأشهر قليلة سكنت مع أصحاب عائلتها في "ملون" حيث تعرفت ب "كزمير دوفان" فتزوجت به سنة ١٨٢٢م وسكنت في "توهان" ولم يمض إلا قليل حتى ظهر لهما ما بينهما من الاختلاف في الطباع والأخلاق والذوق وزاد النفور بينهما الارتباك المالي الذي وقع في سنة ١٨٣١م. ولما كانت هي راغبة في امتحان حظها في التأليف حصلت رخصة من زوجها بأن تصرف ثلاثة أشهر من كل ستة أشهر في باريس، فنشرت بضع نبذ في جرنال "الفيقارو" فظهر لها أنها غير قادرة على الكتابة في الجرائد لما يلزم لذلك من سرعة الخاطر والعمل، وكان زوجها قد عين لها ١٥٠٠ فرنك سنويا، فطلبت الاقتصاد، ورغبة في الدخول على المكاتب والملاعب العمومية دون ملاحظة لبست لبس رجل.
وفي تلك الأثناء كتبت بمساعدة صديقها "جول سند" رواية عنوانها "روزه وبلانش" تحت اسم "جول سند" فصادفت قبولا، فقوى ذلك عزمها على نشر رواية أخرى من القلم نفسه، ولكن لم تجد عند "جول" -المذكور- رواية مجهزة إلا أنها كانت قد أكملت رواية عنوانا "أن بانا" نشرت في أيار سنة ١٨٣٢م تحت اسم "جورج سند" فصادفت قبولا تاما، ومما زادها قبولا ما شاع من أنها من قلم امرأة، ثم أردفتها بعد قليل برواية عنوانها "فالنتين" وهي أحسن من الأولى وصادفت قبولا، ثم صارت بعد ذلك كاتبة روايات الجريدة "الريفودي ردموند".
وسنة ١٨٣٣م نشرت رواية عنوانها "ليلا" أثرت في العموم تأثيرا بليغاً لمحافظتها عن مبادئ الكفر والخلل في الهيئة الاجتماعية، ومن ذلك الوقت أخذ كثيرون من الذين كانوا يعتبرون مؤلفاتها ينظرون إليها بعين استخفاف فذهبت حينئذ على إيطاليا طلبا لتبديل الهواء