وأيقنت أن الدين أصبح مدبراً=فماذا تصلي بعده وتصومي وكيف بنا أم كيف بالدين بعدما=أصيب ابن أروى وابن أم حكيم كانت شاعرة أديبة جريئة على القول والفعل ذات شهامة زائدة الجد، وكان لها ميل كلي إلى عثمان وأحزابه وطالما هيجت العبر على حرب علي وقد حضرت وقعة الجمل ولها فيها مشاركة، وتوفيت بعدها بقليل·
[السيدة زينب بنت الإمام علي كرم الله وجهه]
السيدة زينب بنت الإمام علي - كرم الله وجهه - بن أبي طالب وأمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي شقيقة الحسن والحسين عليهما السلام· تزوجها ابن عمها عبد الله بن جعفر الطيار ذو الجناحين ابن أبي طالب وولدت له علياً وعوناً ويدعى بالأكبر وعباساً، ومحمداً وأم كلثوم· وحضرت مع أخيها الحسين بكربلاء· ذكر ابن الأنباري: أنها لما قتل أخوها الحسين أخرجت رأسها من الخباء وأنشدت رافعة صوتها: ماذا تقولون إن قال النبي لكم=ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم بعترتي وبأهلي بعد فرقتكم=منهم أسارى ومنهم خضبوا بدم ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم=أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي لكن في "كامل ابن الأثير": أن هذه الأبيات لابنة عقيل بن أبي طالب· وفي "نور الأبصار" عن خزيمة الأسدي قال: دخلنا الكوفة سنة إحدى وستين فصادفت منصرف علي بن الحسين -عليهما السلام- بالدربة من كربلاء إلى ابن زياد بالكوفة ورأيت نساء الكوفة يومئذ قياما يندبن متهتكات الجيوب، وسمعت علي بن الحسين يقول: يا أهل الكوفة، إنكم تبكون علينا فمن قتلنا ورأيت زينب بنت علي فلم أر والله خفرة أنطق منها كأنما تنزع عن لسان أمير المؤمنين فأومأت إلى الناس أن اسكتوا فسكتت الأنفاس، وهدأت الأجراس فقالت:"الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين. أما بعد، يا أهل كوفة الختل والخذل أتبكون فلا سكنت العبرة ولا هدأت الرنة، إنما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم، ألا وإن فيكم الصلف والضعف وداء الصدر الشنف، وملق الأمة، وحجز الأعداء كمرعي على دمنة، أو كفضة على ملحودة أل ساء ما تزرون أي والله تدحضون قتل سلسل خاتم النبوة ومعدن الرسالة ومدار حجتكم، ومنار محجتكم، وسيد شباب أهل الجنة ويلكم يا أهل الكوفة ألا ساء ما سولت لكم أنفسكم أ، سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتدرون أي كبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فريتم، وأي دم له سفكتم، وأي كريمة له أبرزتم لقد جئتم شيئا إذا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا، ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء طلاع الأرض. أفعجبتم إن أمرطت السماء دما فلعذاب الآخرة أخزى، وأنتم لا تنصرون. فلا يستخفنكم المهل، فلا يحقره البدار، ولا يخفا عليه فوت الثأر، كلا إن ربي وربكم لبالمرصاد". ثم سارت، قال: فرأيت الناس حيارى واضعي أيديهم على أفواهمم ورأيت شيخا قد دنا منها وهو يبكي حتى اخضلت لحيته، ثم قال: بأبي أنتم وأمي كهولهم خير الكهول وشبابكم خير الشباب