فمات في الحبس بعد تلك المعركة بأسابيع قليلة.
وفي سنة ١٤٧٤ م تواطأ كل من "إدوارد" ودوق "برغنديا" على قسمة فرنسا إلى قسمين" أحدهما يشتمل على الولايات الشمالية والشرقية تستولي عليه "برغنديا" والآخر تستولي عليه إنكلترا, فعبر "إدوارد" في مضيق "كاني" بجيش إنكليزي إلا أن دوق برغنديا لم يف بعهده فأرسل لإدوارد تحريراً يعتذر فيه عن قصوره.
ولما علمت "مرغريتا" بذلك سعت بكونها عقدت معاهدة ما بين "إدوارد" و"لويس" ملك فرنسا آلت إلى نفع "إدوارد" فإنه تقرر فيها أن لويس يدفع لإدوارد ولكل من كبار رجاله مرتبات سنوية وافرة, وجرت هذه المعاهدة من دون قتال, ثم إن "مرغريتا" أوقعت خلافاً شديداً بين "إدوارد" وأخيه "كلارنس" لأن "إدوارد" منع " كلارنس" بمداخلته من التزوج بابنة دوق "برغنديا" وكانت وارثة الملك بعد أبيها وذات ثروة وافرة وبعد ذلك بمدة وجيزة قتل اثنان من أصحاب "كلارنس" لتهمات كاذبة كان جملتها أنهما ساحران فأخذ كلارنس في تبرئتهما فقتله سراً في شهر شباط (فبراير) سنة ١٤٧٨ م بدعوى أنه طعن الحكومة وانهمك "إدوارد" في آخر حياته في اللذات والملاهي وأهمل مصالح المملكة وبقيت بعده "مرغريتا" مدة من الزمن حتى ماتت في فرنسا وهي قريرة العين بأخذ ثارها من "إدوارد" حيث نكدت عليه كل حياته وتوفيت بعده بمدة طويلة.
[مرغريتا دي فالوا]
هي شقيقة فرنسيس الأول ملك فرنسا ومن أشهر النساء الكاتبات اللواتي نبغن في عهده ولدت في "أنكولبم" سنة ١٤٩٢ م وتزوجت "بشرل دي فالوا" دوق الأنسون سنة ١٥٠٩ م, ثم توفي زوجها سنة ١٥٢٧ م فحزنت عليه حزناً شديداً, وزاد حزنها بما كان وقتئذٍ من أسر أخيها وما ألم بصحته من الاعتلال فسارت إلة مدريد وخاطبت الإمبراطور "شرلكان" ووزراءه في أمره فاضطروا على معاملته بالإكرام لما رأوه فيها من الحزم وعند رجوع فرنسيس الأول فرنسا بقي حافظاً لأخته ذكراً جميلاً وعقد زواجها سنة ١٥٢٧ م على "هنري دالبريت" ملك نافار فرزقت منه دالبريت والدة "هنري الرابع" وكانت "مرغريتا دي قالوا" مجاهرة بالمحاماة عن البروتستانت فرفقت الشكوى عليها إلى أخيها وحرضت إحدى الجرائد الكاتوليكية أن يبتدأ بعقوبتها إذا رغب في استعمال الهرتقات من مملكته, فتصامم الملك عن استماع ذلك وقال: إن أختي لا تعتقد إلا ما أعتقده ولا يمكن أن تدين بدين يضر بمملكتي, وقد اشتهرت هذه الكاتبة بطيبة القلب ومكارم الأخلاق وحب الفقراء فكانت تحسن بالأموال الطائلة على المستشفيات في "لانسون ومورتاني" وبنت مكاناً للقطاء أطلق عليه اسم الأولاد الحمر, واتصف بجميع المناقب حتى سماها بعض شعراء عصرها بالنعمة الرابعة وعروس الشعر العاشرة.
ومن الأمور المقررة التي لا يختلف فيها اثنان أن أشغال هذه الملكة بالمركز الأعلى في مراتب الآداب بين بنات عصرها وإحرازها قصب السبق على جميع كتاب القرن السادس عشر وجمعها بين حدة الذكاء وقوة التصور, ودقة النقد, وشدة الاطلاع. فكأنما هي روض زاهر بالمعارف لا يفوتها شيء من متفرقات الفوائد, وقد نبغت في الشعر والنثر والسياسة واللاهوت, واليونانية والعبرانية, ودرست الموسيقى والهندسة وأتقنتهما وكانت غيورة على العلم تجل شأن العلماء وتحب معاشرتهم, فلا يكاد يخلو اجتماع لها منهم, وقد امتازت بسهولة الكتابة نثراً ونظماً.
ومن أشهر مؤلفاتها كتاب اسمه "الهتباتيرون" وهو مجموع حكايات حكمية على نسق " كليلة ودمنة" اتخذه "لافونتين" نموذجاً جرى عليه في تأليف حكاياته الشهيرة