نهضنا فما بلغت منزلي حتى ندمت فقلت: تزوجت إلى أغلظ العرب وأجفاها فهممت بطلاقها، ثم قلت: أجمعها إلي فإن رأيت ما أحب وإلا طلقتها، فأقمت أياماً ثم أقل نساؤها يهادينها·
فلما أجلست في البيت أخلي لي البيت فقلت: يا هذه، إن من السنة رذا دخلت المرأة على الرجل أن يصلي وتصلي ركعتين ويسألا الله خيراً ليلتهما ويتعوذا بالله من شرها فقمت أصلي، ثم التفت فإذا هي خلفي فصليت فإذا هي على الفراش، فمددت يدي فقالت: على رسلك· فقلت: إحدى الدواهي منيت بها· فقالت: إن الحمد لله وحده أحمده وأستعينه إني امرأة عربية ولا والله ما سرت سيراً قط أشد علي منه وأنت رجل غريب لا أعرف أخلاقك فحدثني بما تحب فآتيه وما تكره فأنزجر عنه· فقلت: الحمد لله وصلى الله على محمد قدمت خير مقدم على أهل دار زوجك سيد رجالهم، وأنت سيدة نسائهم أحد كذا وأكره كذا قالت: أخبرني عن أختانك أتحب أن يزوروك؟ فقلت: إني رجل قاضٍ وما أحب أن تملوني· قال: فبت بأنعم ليلة وأقمت عندها ثلاثاً، ثم خرجت إلى مجلس القضاء فكنت لا أرى يوماً إلا هو أفضل من الذي قبله حتى إذا كان عند رأس الحول دخلت منزلي فإذا عجوز تأمر وتنهى، فقلت: يا زينب من هذه؟ فقالت: والدتي· قلت: حياك الله بالسلام· قالت: أبا أمية، كيف أنت وحالك؟ قلت: بخير والحمد لله· قالت: كيف زوجتك؟ قلت: كخير امرأة· قالت: إن المرأة لا ترى في حال أسوأ خلفاً منها في حالين إذا حظيت عند زوجها وإذا ولدت غلاماً فإن رابك منها ريب فالسوط، فإن الرجال والله ما جازت إلى بيوتهم شر من الورهاء المتدللة· قلت: أشهد أنها بنتك قد كفيتنا الرياضة، وأحسنت الأدب· قال: فكانت في كل حول تأتينا فتذكر هذا، ثم تنصرف· قال شريح: فما غضبت عليها قط إلا مرة واحدة كنت لها ظالماً فيها وذلك أني كنت إمام قومي فسمعت الإقامة، وقد ركعت ركعتي الفجر فأبصرت عقرباً فعجلت عن قتلها فأكفأت عليها الإناء، فلما كانت عند الباب قلت: يا زينب، لا تحركي الإناء حتى أجيء، فعجلت فحركت الإناء فضربتها العقرب فجئت فإذا هي تلوي فقلت: ما لك؟ قالت: لسعتني العقرب، فبهذا السبب كان غضبي لتعجيلها رفعه، وكان لي جار يضرب زوجته فقلت في ذلك: رأيت رجالاً يضربون نساءهم=فشلت يميني يوم تضرب زينبا أأضربها في غير جرم أتت به=إلي فما عذري إذا كنت مذنبا فتاة تزين الحلي إن هي حليت=كأن بفيها المسك خالط محلبا
[زينب ابنة حجش]
أم المؤمنين بنت حجش بن الرئاب زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، تكنى أم الحكيم، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي كانت قديمة الإسلام ومن المهاجرات مع الرسول وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم تحت زيد بن حارثة ومضى النبي يوماً إلى بيته لغرض فرفعت باب الخباء فرأى زينب حاسرة فأعجبته ومن ثم كرهت إلى زيد فلم يستطع أن يقربها فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال:"أرابك فيها شيء؟ " قال: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمسك عليك زوجك واتق الله"· ففارقها زيد، واعتدت فحلت للرسول صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عليه (فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوجناكها) (الأحزاب: ٣٧ (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يبشر زينب أن الله قد زوجنيها" وقرأ عليهم: (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه)(الأحزاب: ٣٧) الآية· فكانت زينب تفتخر على نسائه وتقول: زوجكن أهلكن وزوجني الله من السماء، وذلك سنة ٥ للهجرة، فلما دخل عليها قال لها: "