للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأن أحمد يأتيه فيخبره ... جبريل إنك مبعوث إلى البشر

فقلت إن الذي ترجين ينجزه ... لك الإله فرجي الخير وانتظري

وأرسليه لنا كيما نسائله ... عن أمره ما يرى في لنوم والسهر

فقال حين أتانا منطقا عجبا ... يقف منه أعالي الجلد والشعر

إني رأيت أمين الله واجهني ... في صورة كملت من زهيب الصور

ثم استمر وكاد الخوف يذعرني ... مما يسلم ما حولي من الشجر

والله أعلم بالصواب·

[خديجة ملكة جزائر زيبة المهل من بلاد الهند]

وهي خديجة بنت السلطان جلال الدين عمر بن السلطان صلاح الدين البنجالي وكان الملك لجدها، ثم لأبيها فلما مات أبوها ولي أخوها شهاب الدين وهو صغير السن فتزوج الوزير عبد الله بن محمد الحضرمي أمه وتغلب عليه وهو الذي تزوج أيضاً هذه الملكة خديجة بعد وفاة زوجها الوزير جمال الدين· فلما بلغ شهاب الدين مبلغ الرجال أخرج ربيبة الوزير عبد الله ونفاه إلى جزائر السويد واستقل بالملك واستوزر أحد مواليه يسمى علي كلكلي، ثم عزله بعد ثلاثة أعوام ونفاه إلى السويد·

وكان يذكر عن السلطان شهاب الدين -المذكور- أنه يختلف إلى حرم أهل دولته وخواصه بالليل، فخلعوه لذلك ونفوه إلى إقليم " هلدتني" وبعثوا من قتله بها ولم يكن بقي من بيت الملك إلا أخواته خديجة الكبرى ومريم وفاطمة فقدموا خديجة ملكة في سنة ٧٤٠ للهجرة وكانت متزوجة بخطيبهم جمال الدين فصار وزيرا غالبا على الأمر وعين ولده محمدا للخطابة عوضا عنه ولكن الأوامر إنما تنفذ باسم خديجة وهم يكتبون الأوامر في سعف النخل بحديدة معوجة شبه السكين ولا يكتبون في الكاغد إلا المصاحف، وكتب العلم· ويذكرها الخطيب يوم الجمعة وغيرها فيقول: اللهم انصر أمتك التي اخترها على علم على العالمين وجعلتها رحمة لكافة المسلمين ألا وهي السلطانة خديجة بنت السلطان جلال الدين بن السلطان صلاح الدين، ومن عادتهم إذا قدم الغريب عليهم ومضى إلى الدار فلا بد له أن يستصحب ثوبين فيقدم لجهة هذه السلطانة ويرمي بأحدهما، ثم يقدم لوزيرها وهو زوجها جمال الدين ويرمي بالثاني وعسكرها نحو ألف إنسان من الغرباء وبعضهم بلديون يأتون كل يوم إلى الدار فيخدمون وينصرفون ومرتبهم الأرز يعطى لهم من البندر في كل شهر، فإذا تم الشهر أتوا الدار وخدموا وقالوا للوزير: بلغ عن الخدمة، واعلم بأنا أتينا نطلب مرتبنا في أمر لهم به عند ذلك ويأتي أيضاً إلى الدار كل يوم القاضي وأرباب الخطب وهم الوزراء عندهم فيخدمون ويبلغ خدمتهم الفتيان وينصرفون وأن النساء ليفتخرن بمثل هذه الملكة حيث إنها كانت مالكة نحو ألفي جزيرة من جزائر الهنود التي تزيد عن الأربعين مليونا من العالم وجميعها من المسلمين· وبقيت مالكتها مدة من الزمن بالعدل والإنصاف وقد طال ملكها نحو الثلاثين سنة، وفي مدتها كانت جوائزها في غاية الرونق والبهاء من كثرة الخيرات والأرزاق والزمن، وكان جميع الأهالي مكبين على الأشغال ملتفين للأعمال، محافظين على جزائرهم من الأعداء، وبارتباطهم هذا كانوا مهابين لا يدخلون أحداً من عدوهم ساحتهم وبقيت على ذلك إلى أن توفاها الله وأهل مملكتها راضون عنها آسفون عليها·

<<  <   >  >>