أدركت ما منيت نفسي خاليا ... لله درك يا ابنة النعمان
فلقد رددت على المغيرة ذهنه ... إن الملوك نقية الأذهان
يا هند حسبك قد صدقت فأمسكي ... فالصدق خير مقالة الإنسان
[هند بنت أثاثة]
كان أبوها من أمراء العرب المشهورين بالشجاعة والفروسية والكرم وكانت هي من ذوات الشهامة والمروءة والحكم، أديبة فاضلة، كاملة عاقلة، لها معرفة بالشعر والعروض ومما قالته رثاء في أبيها حين قتل هذه الأبيات:
لقد ضمت العفراء مجداً وسوددا ... وحلماً أصيلاً وافرا للب والعقل
عبيدة فابكيه لأضياف غربة ... وأرملة تهوي لأشعث كالجذل
وبكيه للأقوام في كل شتوة ... إذا احمر آفاق السماء من المحل
وبكيه للأيتام والريح زفزف ... وتشيب قدر طالما أزبدت تغلي
فإن تصبح النيران قد مات ضوءها ... فقد كان يذكيهن بالحطب الجزل
لطارق الليل أو لملتمس القرى ... مستنبح أضحى على رسل
[هند بنت زيد بنت مخرمة الأنصارية]
كانت أحسن نساء زمانها جمالا, وأوفرهن عقلا وكمالا, وأفصحهن منطقا ومقالا, لها مقالات بليغة وأشعار بديعة، وكانت مع ما هي عليه من التنعم ثبتة الجنان قوية البنية جريئة على الحروب حضرت جملة وقائع مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأنها كانت من شيعته، وكانت لها غيرة شديدة على علي وأصحابه، وكان كل من قتل ترثيه بمراث جيدة وتحرض القوم على اتباع خطة علي وطالما أراد معاوية أن يوقع بها ولم يتيسر له ذلك.
ولما قتل معاوية حجر بن عدي بن حاتم الطائي أقامت له مآتم ورثته بقصائد طويلة وأشعار غزيرة منها قولها:
ترفع أيها القمر المنير ... تبصر هل ترى حجرا يسير
يسير إلى معاوية بن حرب ... ليقتله كما زعم الأمير
تجبرت الجبائر بعد حجر ... وطاب لها الخورنق والسدير
وأصبحت البلاد لها محولا ... كأن لم يحييها مزن مطير
ألا يا حجر حجر بني عدي ... تلقتك السلامة والسرور
أخاف عليك وما أردى عدياً ... وشيخاً في دمشق له زئير